للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - مصلحة أهل الوقف تقضي إبداله إذا تعطل بما يقوم مقامه، لأن المصلحة أصل في هذا الباب، بل هي أصل في عامة العقود، فإن الله تعلى أمر بالصلاح ونهى عن الفساد وبعث رسله بتحصيل المصالح كلها وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها (١) وقال موسى لأخيه هارون: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} (٢).

وقال شعيب: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} (٣)، وقال تعالى: {فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (٤)، وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} (٥).

القول الثاني: يرى أن العقار إذا خرب وصار لا ينتفع به، فإنه يخرج عن الوقف؛ أي: يبطل ويعود إلى الواقف أو لورثته إذا كان غير معد للاستغلال؛ كرياط خرب (وهو الذي يبنى للفقراء) وحوض محلة خرب.

أما إذا كان معدًا للاستغلال عند جماعة المسلمين؛ كبيت انهدم؛ فإنه يبطل الوقف (أي يخرج عن الوقفية)، ويعود النقض إلى بانيه أو ورثته دون ساحته؛ لأن ساحته يمكن استغلالها، وذلك كحانوت احترق، وصار بحيث لا ينتفع به، ولا يستأجر بشيء البتة، وهذا ما روي عن محمد (٦).

ونظرًا لاختلاف الرواية عن محمد حيث روى عنه بطلان الوقف إن تعطلت منافعه وهي المذكورة هنا، وما رواه هشام عنه من جواز استبداله إذا خرب وصار لا ينتفع به، وجدنا الكمال ابن الهمام قد قال: "ينبغي ألا يفتي على قوله (محمد)


(١) انظر: الفتاوى الكبرى، ابن تيمية، ٤/ ١٥٦.
(٢) سورة الأعراف، آية ١٤٢.
(٣) سورة هود، آية ٨٨.
(٤) سورة الأعراف، آية ٣٥.
(٥) سورة البقرة، من آية ١١ - ١٢.
(٦) انظر: فتح القدير، ابن الهمام، ٦/ ٢٣٧ - ٢٣٨، ورد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ٤/ ٣٥٩ و ٣٧٦، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم، ٥/ ٢٢٣ - ٢٢٤ و ٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>