للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثالث: يرى أن المسجد إذا خرب ما حوله وتفرق الناس عنه، فإنه لا يعود إلى ملك الواقف ولكن يباع نقضه بإذن القاضي ويصرف ثمنه إلى مسجد آخر، وهذا ما روي عن أبي يوسف (١).

ويستدل على ذلك بأنه لو لم تنقل أنقاضه إلى مسجد آخر، أو لو لم تبع أنقاضه ويصرف ثمنها إلى مسجد آخر لاستولى عليه اللصوص والمتغلبون، وكذلك أوقافه يأكلها النظار أو غيرهم، ويلزم من عدم نقل أنقاضه، خراب المسجد الآخر المحتاج إلى النقل إليه (٢).

وعلى ذلك فليس لأهل الناحية بيع المسجد القديم وإن خرب لصرفه في مسجد جديد على كلا القولين (قول أبي يوسف وقول محمد)، أما على قول أبي يوسف فلأنه لا يعود إلى ملك الباني، وأما على قول محمد فلأنه بعد الاستغناء يعود إلى ملك الباني أو ورثته (٣).

أما بالنسبة لآلات المسجد من حصير وقناديل ونحوها، إن خرب المسجد ووقع الاستغناء عنه وعنها، فإنها تكون لواقفها أو لورثته عند محمد.

وعند أبي يوسف، تباع ويصرف ثمنها على حوائج المسجد، وإن استغني عنه تحول على مسجد آخر.

والفتوى على قول محمد في آلات المسجد وعلى قول أبي يوسف في تأبيد المسجد (٤).

القول الرابع: يرى أنه إذا أصبح المسجد لا ينتفع به بأن انتقل أهل القرية عنه وصار في موضع لا يصلي فيه، أو ضاق بأهله ولم يمكن توسيعه في موضعه، أو تشعب جميعه فلم تمكن عمارته، فإنه يباع ويشترى بثمنه مكانًا يجعل مسجدًا، والحكم للمسجد الثاني ويبطل حكم الأول وإليه ذهب الحنابلة في المذهب (٥)، وبعض مشايخ الحنفية (٦).


(١) انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ٤/ ٣٥٩.
(٢) انظر: المرجع السابق، ٤/ ٣٦٠.
(٣) انظر: الفتاوى الهندية، مجموعة من علماء الهند، ٢/ ٤٥٨.
(٤) انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم، ٥/ ٢٧٣.
(٥) انظر: المغني، ابن قدامة، ٦/ ٢٨، والإنصاف، المرداوي، ٧/ ١٠٠ - ١١١.
(٦) انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ٤/ ٣٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>