للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الدلالة: قول سعد بن عبادة: "أشهدك" نص في توثيق الوقف بالإشهاد عليه، ولذلك وضع البخاري بابًا لذلك وعنونه بقوله: "باب الإشهاد في الوقف والصدقة" (١)؛ فدل ذلك على مشروعية توثيق الوقف بالشهادة، مع الإقرار به، ويقاس عليهما سائر طرق التوثيق.

و - ومن السنة أيضًا ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما - قال: أصاب عمر بخيبر أرضا، فأتى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أصبت أرضًا لم أصب مالًا قط أنفس منه، فكيف تأمرني به؟ قال: "إن شئت حبّست أصلها، وتصدقت بها"، فتصدق عمر: أنه لا يباع أصلها، ولا يوهب، ولا يورث، في الفقراء، والقربى، والرقاب، وفي سبيل الله، والضيف، وابن السبيل، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقًا غير متمول فيه (٢).

وقد يدل البخاري لهذا الحديث بعنوان "الوقف كيف يكتب؟ " (٣) ويتأكد ذلك من رواية أبي داود رحمه الله تعالى للحديث، عن يحيى بن سعيد عن صدقة عمر بن الخطاب، قال: نسخها لي عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به عبد الله أمير المؤمنين إن حدث به حدث ... (٤)، فدل على مشروعية كتابة الوقف والإشهاد عليه.

ز - المعقول: أن الله تعالى أمر بحفظ الأموال وعدم إضاعتها، وهذا يوجب كتابتها لتبقى مصونة لأصحابها، مع احتمال النسيان، والاختلاف، والجحود، والنكران (٥).


(١) صحيح البخاري، كتاب الوصايا، باب الإشهاد في الوقف والصدقة، ٣/ ١٠١٥ وكرر الحديث السابق برقم ٢٦١١.
(٢) هذا الحديث أخرجه البخاري (٣٦٢٠) وصحيح مسلم (١٦٢٢).
(٣) صحيح البخاري (٢٦٢٠) كتاب الوصايا، باب الوقف كيف يكتب؟
(٤) سنن أبي داود ٢/ ١٠٥ كتاب الوصايا، باب ما جاء في الرجل يوقف الوقف.
(٥) انظر لسان الحكام في معرفة الأحكام إبراهيم بن محمد المعروف بابن الشحنة الحلبي، مطبعة جريدة البرهان، الإسكندرية ١٢٩٩ هـ، ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>