للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من العامة ثبت بذلك أن الكتاب والإشهاد في الديون والبياعات غير واجبين؛ وقوله تعالى: {فَاكْتُبُوهُ}؛ مخاطبة لمن جرى ذكره في أول الآية؛ وهو: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} فإنما أمر بذلك للمتدابنين" (١).

وقال الكاساني: " ... فدل أن الوصية جائزة وقوله سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ}؛ ندبنا سبحانه وتعالى إلى الإشهاد على حال الوصية فدل أنها مشروعة (٢).

القول الثاني: أن الأمر للوجوب؛ لظاهر الأمر، وهو فعل ابن عمر، وبه قال الضحاك، وعطاء، وجابر بن زيد، والنخعي، وابن جرير الطبري.

كما ذهب بعض الحنفية للقول بأن الأمر للوجوب، فقد نقل برهان الدين بن مازه في المحيط البرهاني في الفقه النعماني عن: "فتاوي أهل سمرقند: ذكر أن الإشهاد على المداينة والبيع فرض على العباد؛ لأن بدونه يخاف تلف المال وفي تلف الأموال تلف الأبدان، وحرام على الآدمي إتلاف البدن، فيفرض عليه الإشهاد الذي هو طريق الصيانة، إلا إذا كان شيئًا حقيرا لا يخاف عليه التلف، وبعض المشايخ على أن الإشهاد مندوب، وليس بفرض، وهذا القائل يحمل الأمر المذكور في كتاب الله تعالى نحو قوله: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (٣)، ونحو قوله: (٤) {وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ} .. على الندب" (٥).


(١) أحكام القرآن، أحمد بن علي الرازي الجصاص، ٤/ ٥٨٤ - ٥٨٥.
(٢) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين، أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني الحنفي، نشر دار الكتب العلمية، ط ١٤٠٦ هـ / ١٩٨٦ م، ٧/ ٣٣٠.
(٣) سورة البقرة، آية ٢٨٢.
(٤) سورة الطلاق، آية ٢.
(٥) المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة، أبو المعالي برهان الدين محمود بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر بن مارد البخاري الحنفي، تحقيق: عبد الكريم سامي الجندي، نشر دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤٢٤ هـ، ٩/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>