للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدل أصحاب هذا القول بالأدلة الآتية:

١ - قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده" (١)، وجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر أمرًا زائدًا على الكتابة المطلقة الموثقة، فدل على الاكتفاء بها.

٢ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى عماله وغيرهم ملزمًا للعمل بتلك الكتابة، وكذا الخلفاء الراشدون من بعده؛ ولأن الكتابة تنبئ عن المقصود فهي كاللفظ (٢).

٣ - أن ثبوت الخط يتوقف على معاينة البينة أو الحاكم لفعل الكتابة الموثقة، لا على مجرد الكتابة غير الموثقة (٣)؛ ولأنه لم تدخله ريبة إذا كان الخط محفوظًا عنده؛ ومثله خط غيره إذ المدار على كونه ظنًا مؤكدًا (٤).

٤ - أن العمل بالكتب العرفية يشترط معه الموثوقية؛ ولأن الحكم مناط بالمعرفة والشهرة من غير اعتبار لمعاينة الفعل؛ ليحصل المقصود وهو العلم بنسبة الخط إليه، وذلك موجود بحيث يستقر في النفس استقرارا لا تردد معه فوجب الاكتفاء به (٥).

٥ - أن الخط يمكن تمييزه عن غيره، وإن لم يكن الخط الذي في الصك في يد الشاهد؛ لأنه لا يجري فيه التبديل والتغيير، فإنه لو ثبت يثبت بالخط، والخط قلما يشبه الخط؛ لأن الله تعالى كما خلق الأجسام متفاوتة إظهارًا لقدرته خلق الأمثال كذلك فالخط لا يشبه الخط إلا نادرًا، والنادر لا حكم له ولا اعتبار لتوهم التغيير فإن له أثر يوقف عليه فإذا لم يظهر ذلك جاز الاعتماد عليه (٦).


(١) صحيح البخاري (٢٧٣٨).
(٢) انظر: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهي، مصطفى بن سعد السيوطي الرحيباني الحنبلي، ٤/ ٤٤٥، وكشاف القناع، منصور بن يونس البهوتي، ٤/ ٣٣٧، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين المرداوي الحنبلي، ٧/ ٨٨.
(٣) انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين المرداوي الحنبلي، ٧/ ١٨٨.
(٤) انظر: بغية المسترشدين في تلخيص فتاوى بعض الأئمة من العلماء المتأخرين، عبد الرحمن بن محمد بن حسين بن عمر باعلوي، ٦١٩، ونهاية المحتاج شرح المنهاج، محمد بن أحمد الرملي، طبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٦ هـ، ٨/ ٢٦٠.
(٥) انظر: كشاف القناع، منصور بن يونس البهوتي، ٤/ ٣٣٧.
(٦) انظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي، عبد العزيز بن أحمد بن محمد، علاء الدين البخاري الحنفي، ٣/ ٥١ - ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>