للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونصت المادة الثالثة من هذا القانون على أنه "لا تودع المحاكم المدنية إلى المحاكم الشرعية أي دعوى بسبب تعلّق رقبة الوقف إلا بموافقة كافة المتخاصمين" (١).

وهذا يعني أن دعوى الوقف لم تعد من اختصاص المحاكم الشرعية وحدها، فلأحد المتخاصمين أن يطلب إيداعها في المحاكم المدنية، ويجب على المحاكم المدنية حينئذٍ أن تودعها بناء للطلب، أما لو أقيمت في المحاكم المدنية فلا يمكن إحالتها إلى المحاكم الشرعية إلا بموافقة الخصوم مجتمعين.

ثم توالت التشريعات التي قلصت من اختصاص القضاء الشرعي بالنسبة لدعوى الوقف، فجعلت بعض القوانين النظر في أمر تصفية الوقف الذري والمشترك مثلًا من اختصاص محاكم البداية، مع عدم جواز أن تنظر فيها أية محكمة أخرى. فلو تم الاعتراض على صحة الوقف مثلًا وتعيين الأموال الموقوفة وبيان صنفها الذري أو المشترك، وتنوع في شروط الواقفين من جهة الاستحقاق، وحصل خصام حول تصفية الأوقاف الذرية أو المشتركة وما يتفرع عليها، فإن النظر في كل ذلك إنما هو من اختصاص المحاكم المدنية (٢).

ولقد آلت مثل هذه التشريعات في كثير من البلدان الإسلامية إلى رفع يد المحاكم الشرعية شيئًا فشيئًا عن النظر في قضايا الوقف، ما يتصل منها بأصل الوقف وشروطه، أو ما يتصل بفروعه، من قبيل النظر في تثبيت شروط الواقفين من جهة الاستحقاق، وتعيين المستحقين، ومقدار أسهمهم من الغلة، وتوفر شرائط الاستحقاق فيهم، وتحديد المستحق من غير المستحق في الأوقاف التي تجري تصفيتها (٣)، ليصبح عند ذلك اختصاص المحاكم الشرعية مقصورًا على النظر في التولية على الوقف الذري، ونصب المتولي وعزله ومحاسبته، وترشيح المتولي في الوقف الخيري، وتنظيم


(١) انظر: شرح قانون المرافعات المرئية والتجارية العراقي، ضياء دشت خطاب، ١١١ - ١١٦.
(٢) انظر: مرسوم تصفية الوقف الذري العراقي، الصادر سنة ١٩٥٥، والمنشور في الوقائع العراقية، رقم ٦٦٥، تاريخ ١٩/ ٧/ ١٩٥٥ م.
(٣) انظر: أحكام الأوقاف، محمد شفيق العاني، ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>