للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن الكثير من القوانين المدنية في البلدان الإسلامية قلصت فيما بعد من اختصاص المحاكم الشرعية أو القضاء الشرعي فيما يتعلق بقضايا الوقف، فأبقي أول الأمر على الدعاوى المتعلقة بأصل الوقف وإدارته ضمن اختصاص المحاكم الشرعية، من قبيل النظر في التولية ورقبة الوقف وشروطه وأهلية الواقف والاستحقاق فيه وكيفية استغلال أعيانه، ومن ضمنها الدعاوى المتعلقة بتحويل المستحقات الموقوفة بالإجارة بالمقاطعة (١)، وهي المستغلات الوقفية التي أخرت لمدة غير معينة وبأجرة معطلة تعادل قيمة الموقوف على أن تصرف لعمارته، وبأجرة زهيدة مؤجلة يدفعها المستأجر للوقف سنويًا (٢).

لكنه تمّ فيما بعد استثناء النزاع حول هذه المستغلات بالإجارتين من اختصاص المحاكم الشرعية لتصبح من اختصاص المحاكم المدنية (٣)؛ لأن النزاع فيها لا يتعلق بأصل الوقف ورقبته، بل بالتصرف بمحتوياته كالأبنية والأشجار والمحال .. وغيرها، مما هو موجود في أراضي الوقف الصحيح.

ثم قلصت بعض القوانين من اختصاص المحاكم الشرعية فيما يتعلق بالدعاوي المتصلة بأصل الوقف وشروطه، حيث أشركت المحاكم المدنية الإبتدائية في النظر في دعاوى رقبة الوقف، عند موافقة بعض المتخاصمين أو كافتهم على ذلك؛ فلقد جاء في قانون المرافعات الشرعي من القانون العراقي لسنة ١٩٢٩ م ما نصه: "لكل من المتخاصمين في رقبة الوقف أن يطلب إيداع الدعوى في المحاكم المدنية، وعلى القاضي أن يقرر توديع الدعوى وفق الطلب".


(١) المقاطعة: عقد إجارة يقصد به استيفاء الأرض الموقوفة تحت يد المستأجر للبناء والغرس ما دام يدفع أجرة المثل، وهي تسمى الحكر، والمستأجر بالمحتكر، ولقد كان جوازها موضع خلاف بين الفقهاء، انظر: ورد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، ابن عابدين، ٤/ ٥٣٢ وبعدها، ثم منعت بعد ذلك في القوانين الحديثة، وانظر: أحكام الأوقاف، حسن رضا، ٣٨.
(٢) انظر: أحكام الأوقاف، حسين علي الأعظمي، مطبعة الاعتماد، بغداد، ١٩٤٩ م، ١٢ - ١٣، وأحكام الأوقاف، محمد شفيق العاني، مطبعة الإرشاد، بغداد، ١٩٦٥ م، ٧.
(٣) انظر: شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية العراقي، ضياء شيت خطاب، ١١١ - ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>