للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد اشترط فقهاء الحنفية كذلك لقبول الشهادة مطلقًا أن تكون مطابقة للدعوى ولو في المعنى، لكن ذلك شرط فيما يرجح فيه حق العبد لوجوب سبق الدعوى فيه على الشهادة، أما ما يرجح فيه حق الله تعالى كما في إثبات أصل الوقف فلا؛ لأن تقدم الدعوى ليس شرطًا فوجودها كعدمها فلا يضر عدم التوافق (١).

واشترط كذلك مطابقة الشهادة للشهادة بأن يتطابق اللفظان في إفادة المعنى، وفصل أبو حنيفة بضرورة التطابق على الوضع لا التضمين، واكتفى محمد وأبو يوسف صاحبا أبي حنيفة بالموافقة المعنوية ولو بالتضمين (٢).

وفي الشهادة على الوقف فلو شهد شاهدان بأن دارًا بعينها موقوفة وزاد أحدهما شيئًا، أو زاد كل واحدٍ منهما شيئًا على الآخر، تبطل الزيادة، وتقبل الشهادة على ما اتفقا عليه (٣).

فلو قال أحدهما: إن الواقف جعل الأرض صدقة موقوفة على فلان، وشهد الآخر أنه جعلها على الآخر، قبلت الشهادة على أصل الوقف (٤)، وتكون الغلة للفقراء والمساكين؛ لأنهما اتفقا على الشهادة بأنها صدقة موقوفة، واختلفا فيما سوى ذلك، فيقبل ما اتفقا عليه ويرد ما اختلفا فيه.

أما اختلاف الشهود في زمان الوقف ومكان صدور الوقف من الواقف وانعقاده فلا يؤثر في الشهادة في شيء؛ وذلك لأن الألفاظ تتكرر في كل زمان ومكان (٥)، نعم لو اختلفا في المحل الموقوف فإن ذلك يؤثر في الشهادة فيبطلها (٦).


(١) انظر: رد المختار، الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، ابن عابدين ٤/ ٥٣٩.
(٢) انظر: المرجع السابق، ٥/ ٤٩٣، ودرر الحكام شرح مجلة الأحكام، علي حيدر خواجة أمين أفندي، ٤/ ٤٠٨.
(٣) انظر: الإسعاف في أحكام الأوقاف، برهان الدين إبراهيم الطرابلسي، المطبعة الكبرى المصرية، ١٢٩٢ هـ، ٨٣.
(٤) انظر: مباحث الوقف، محمد زيد الأبياني، ١٥٤، ورد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، ابن عابدين، ٣/ ٥٥٨.
(٥) انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، المرداوي، ١٢/ ٢٦.
(٦) انظر: مباحث الوقف، محمد زيد الأبياني، ١٥٥ - ١٥٦، وأحكام الأوقاف، محمد شفيق العاني، ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>