للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بالنسبة لحق الله تعالى: فلا يشترط لقبول الشهادة سبق الدعوى؛ وذلك لوجوب إقامتها على كل أحد، ولما كان الوقف من الحقوق التي يرجح فيها حق الله؛ فإن الشهادة فيها تقبل حسبة، ولو بدون سبق دعوى من أحد بذلك (١)؛ فمن علم بوقف وضع الغير يده عليه يشغله ويصرف ريعه في غير مصارفه وجب عليه المبادرة إلى الشهادة (٢).

وقبول الشهادة حسبة منحصر فيما لو كانت الشهادة على ثبوت أصل الوقف، أما لو كانت على إثبات الاستحقاق فيه مثلًا فلا تقبل بالاتفاق، ولا بد عندها من تقديم الدعوى ممن يدعي الاستحقاق في الوقف، ويقدم الشاهد شهادته على ذلك على طلبها أمام القاضي (٣).

واستثنى فقهاء الحنفية، والمالكية، والحنابلة، من وجوب المبادرة إلى الشهادة في أصل الوقف حتى مع عدم وجود دعوى حالة الوقف على المعين (٤)؛ فإنه لا يجب فيه المبادرة؛ لأن الوقف على معين يرجح فيه حق الآدمي فله حق إسقاطه حتى بعد قبوله (٥).


(١) انظر: الطرق الحكمية في السياسات الشرعية، ابن قيم الجوزية، ٢٣٦، وشرح الخرشي على مختصر خليل، محمد الخرشي، ٧/ ١٨٧، وجواهر الكلام، محمد حسن النجفي، ٤١/ ١٧٩.
(٢) انظر: حاشية العدوي على شرح الخرشي، العدوي، مطبوعة على هامش الخرشي، ٧/ ١٨٧، ومغني المحتاج شرح المنهاج، محمد الشربيني، ٤/ ٤٣٧، وجواهر الكلام، محمد حسن النجفي، ٤١/ ١٧٩.
(٣) انظر: مباحث الوقف، محمد زيد الأبياني، مكتبة وهبة، ط ٣، ١٩٢٤ م، ١٥٤.
(٤) انظر: غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني الحموي الحنفي، ٢/ ٤٠٣، ودرر الحكام شرح مجلة الأحكام، علي حيدر خواجه أمين أفندي، دار الجيل، ط ١، ٤/ ٣٨٩، والدر المختار شرح تنوير الأبصار، مطبوع على حاشية ابن عابدين، علاء الدين الحصكفي، ٤/ ٤٠٩، وحاشية العدوي على شرح الخرشي، العدوي، مطبوعة على هامش الخرشي، ٧/ ١٨٧، والمغني، ابن قدامة، ١٠/ ١٩٤، والكافي في فقه الإمام أحمد، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي (الشهير بابن قدامة المقدسي)، المكتب الإسلامي، بيروت، ط ٥، ١٩٨٨ م، ٤/ ٢٨٨.
(٥) انظر: رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، ابن عابدين، ٤/ ٥٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>