للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثالث: للحنابلة حيث ذهبوا إلى أنه إذا اختلف الناظر مع المستحقين في الصرف لهم، كأن يدعي أنه دفع لهم ما يستحقونه من غلة الوقف وهم ينكرون ذلك، فالحكم أنه يفرق في محاسبة الناظر بين كونه متبرعًا وبين كونه غير متبرع، وعلى الأول فالقول قوله مع يمينه، وعلى الثاني لا يُقبل قوله إلا ببينة.

وعلّلوا للأول بأنه قبض المال لنفع مالكه فقط فيُقبل قوله؛ كالوصي والمودع المتبرع، وعللوا للثاني بأنه قبض العين لحظة، فلا تقبل دعواه إلا ببينة (١).

أما عن محاسبتهم له فيما يتم قبضه وصرفه من غلات الوقف، وكذا محاسبة الدولة له في ذلك، فمذهب الحنابلة هو أن لأهل الوقف مساءلته عما يحتاجون إلى علمه من أمر وقفهم، وإن كانت بعض كتب الحنابلة قيدت هذه المساءلة بكونها في حالة اتهام الناظر.

أما عن محاسبة الدولة للناظر، فمذهبهم أن لولي الأمر ذلك إذا رأى فيه مصلحة وقد يكون واجبا عليه (٢).

ولقد قرر قانون الوقف المصري مسؤولية الناظر جنائيًا إذا اختلس مالًا من أموال الوقف أو بدده أو أساء استعماله؛ لأن يده يد وكالة عن المستحقين فتسري عليه أحكام الوكيل ويُسأل جنائيًا عن فعله (٣)، ولا يُقبل قوله في الصرف وفي تسليم الغلة للمستحقين إلا بسند كتابي، ولو مات مجهلا مالًا ضمن من تركته، وكان ورثته مسئولين عنه، ولو قصر في المحافظة على أعيان الوقف أو غلته ضمن، ولم يستثن القانون من ذلك إلا حالتين:


(١) انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، ٣/ ٤٨٥ و ٤/ ٢٦٩.
(٢) انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، المرداوي، ٧/ ٦٨، وكشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، ٤/ ٢٧٧، والفتاوى الكبرى، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤٠٨ هـ / ١٩٨٧ م، ٤/ ٢٨٣ - ٢٨٤، والفروع، ابن مفلح، ٤/ ٥٩٩.
(٣) طبقًا للمادة ٢٦١ من قانون العقوبات.

<<  <  ج: ص:  >  >>