للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلتُ: فما تقول إن قال الورثة، لم يقفه صاحبنا، وهو ميراث لنا؟ قال: أحكم بموجبه (١)، قلت: فإن قالوا: إنما وقفه علينا وعلى أولادنا خاصة ثم من بعدنا على المساكين؟ قال: الوقف في أيدي القضاة، ولا يجوز أن أقبل قولهم فيما ليس في أيديهم، ألا ترى أن قول من كان هذا الوقف في يده: إن فلانًا وقفه .. ليس بإقرار أن فلانًا وقفه وهو مالك له، من قبل أن رجلًا لو كانت في يده ضيعة يزعم أنها له، فقال رجل: هذه الضيعة ضيعتي، وقفتها على المساكين، وأقام المدعي شاهدين أنه وقفها على المساكين لم يستحقها بهذه البينة، إلا أن يشهد له الشهود أنه وقفها وهو مالك لها فيأخذها من يده، ولو قال الذي في يديه: قد وقفها فلان هذا، ولكنها لي وفي ملكي، وليست لهذا؛ لم يكن قوله - بأن هذا وقفها - إقرارًا منه بأنها له؛ لأن الرجل قد يقف ما لا يملك.

قلت: فما تقول في قاضٍ صار إلى بلد من البلدان قاضيًا بين أهله، فأتاه رجل فقال: إني كنت أمينًا للقاضي الذي كان ههنا قبلك، وفي يدي ضيعة كذا وكذا كانت الرجل يُقال له: فلان بن فلان الفلاني؛ فوقفها على قوم معلومين سماهم؟ قال: إذا لم يعلم القاضي من أمر هذه الضيعة شيئًا غير ما أقرَّ به الرجل عنده قبل إقرار هذا الرجل، فإن كان لفلان بن فلان هذا ورثة، فالقول قولهم في هذه الضيعة، فإن أقروا أنها وقف على ما أقر به الرجل عنده أنفذ ذلك عليهم، وإن أنكروا أن يكون الميت وقفها وقالوا: هي ميراث بيننا، كان القول قولهم في ذلك.

قلت: فما تقول إن قال الرجل: كنت أمين القاضي في هذه الضيعة، وهذه الضيعة كانت لفلان فوقفها على كذا وكذا، وقال الورثة، بل وقفها علينا وعلى أولادنا ونسلنا ومن بعدنا على المساكين، والذي قاله الورثة خلاف ما قاله الرجل؟ قال: فالقول قول الورثة في ذلك، ويمضيه القاضي على ما أقروا به.


(١) أي بموجب ما قالوه من أنها ليست بوقف، وحينئذ تكون ميراثًا، وسيأتي له ما يؤيده، كذا في هامش الأصل. كتبه مصححه، كذا في هامش الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>