للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: فإن قال الرجل الذي ادعى أنه أمين: في يدي هذه الضيعة وهي وقف على كذا وكذا، ولم يقل كانت لفلان وأن فلانًا وقفها؟ قال: يقبل القاضي قوله فيما في يده ويمضية على ذلك، وإنما يقبل القاضي قول الورثة إذا كان القاضي قبض هذه الضيعة على أنها ملك الرجل الذي يدَّعون أنه وقفها، فيكون القول في ذلك قول الورثة، وإن كان القاضي إنما قبض هذه الضيعة على تنازع كان بينهم فيها، ولم يقبضها على ملك الرجل الذي يقولون إنه وقفها؛ لم ينظر إلى قول الورثة في ذلك، وكان الأمر فيها على ما يوجد من رسمها في ديوان القاضي" (١).

وقال الطرابلسي في الإسعاف: "ولو تنازع فيه قوم وادعى كل فريق أنه وقفه فلان بن فلان علينا وليس لهم بينة؛ فإن كان للواقف ورثة يرجع في البيان إليهم ويعمل بقولهم، وإن لم يكن الوقف في أيديهم بل كان في يد أمين القاضي الذي كان قبله، وإلا حملوا على التثبت، فإن اصطلحوا على أخذه وليس لهم رسم في ديوان القاضي ليعمل به؛ يستحسن تنفيذه وقسمة غلته بينهم، وإلا يصرف إلى الفقراء؛ لأنه بمنزلة اللُقَطة؛ لأنه مال تعذر إيصاله إلى مستحقه، ولو أنكر الورثة وقف مورثهم إياه وقالوا: هو ميراث لنا؛ كان ملكًا لهم، ولو قالوا: إنما وقفه علينا وعلى أولادنا خاصة ثم من بعدنا على المساكين؛ قال الخصاف: الوقف في أيدي القضاة، ولا يجوز أن أقبل قولهم فيما ليس في أيديهم، ومحمل قوله هذا على ما ذكر في آخر هذا الفصل؛


(١) انظر: أحكام الأوقاف، أبو بكر أحمد بن عمرو الشيباني المعروف بالخصاف، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، ١٣٤ - ١٣٥، وللفائدة: فهنالك بعض صور المنازعة بين الموقوف عليهم والورثة في بقية المذاهب، انظر في هذه المصادر: العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير، أبو القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعي القزويني، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤١٧ هـ/١٩٩٧ م، ١٣/ ١٠١، وروضة الطالبين، أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، ١١/ ٢٨٤، والحاوي في فقه الشافعي، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الشهير بالماوردي، دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١٤ هـ ١٩٩٤ م، ١٧/ ٨٨ وما بعدها، وأسنى المطالب في شرح روض الطالب، زين الدين أبو يحيى زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري السنيكي، ٩/ ٣٣٩، والمغني، ابن قدامة، ١٠/ ٢٠٧، ومواهب الجليل شرح مختصر خليل، أبو عبد الله محمد الحطاب، ٦/ ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>