للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أتى القاضيَ رجلٌ وقال: إني كنت أمينًا لمن كان قبلك، وفي يدي ضيعة كذا، وهي وقف زيد بن عبد الله على جهة كذا؛ فإنه يرجع في أمرها إلى ورثة زيد، فإن ذكروا جهة تخالف قوله عمل بقولهم، وإن قالوا: هي وقف علينا وعلى أولادنا ثم من بعدنا على المساكين، أو قالوا: ليست بوقف، وإنما هي ميراث لنا عنه؛ عُمل بقولهم وقفًا وملكًا، ولو لم ينسب المقر الوقف إلى أحد، أو نسبه ولكن ليس للمنسوب إليه ورثة؛ فحينئذ يعمل القاضي بقول الأمين، ما لم يثبت عنده خلافه، ورجوع القاضي إلى قول الورثة وبيانهم مقيد بما إذا قبض القاضي الوقف على أنه كان ملك الرجل الذي يدعي المتنازعون فيه أنه وقفه، وأما إذا قبضه على نزاع وقع بينهم ولم يقبضه على أنه كان ملك الذي يدعون أنه وقفه؛ فإنه لا ينظر إلى قول الورثة فيه، وإنما يرجع فيه إلى ما يوجد من رسمه في ديوان القاضي الذي كان قبله، ويعمل به هذا محصل ما ذكره الخصاف (١).

ومن صور بين الموقوف عليهم ما ذكره قاضيخان في الفتاوى: "وقف على نفر استولى عليه ظالم لا يمكن الانتزاع منه، فادعى أحد الموقوف عليهم على واحد منهم أنه باع الوقف من الغاصب وسلمه إليه، فأنكر المدعى عليه؛ فأراد المدعي تحليفه .. قال الفقيه أبو جعفر - رحمه الله تعالى - له ذلك، فإن نكل عن اليمين أو قامت عليه البينة يقضى عليه بقيمتها، ثم يشتري بتلك القيمة ضيعة أخرى فتكون على سبيل الوقف الأول؛ لأن العقار يضمن بالبيع والتسليم عند الكل؛ لأن البيع والتسليم استهلاك .. رجل باع أرضًا ثم ادعى أنه كان وقفها قبل البيع، فإذا أراد تحليف المدعى عليه؛ ليس له ذلك عند الكل؛ لأن التحليف بعد صحة الدعوى، ودعواه لم تصح، المكان التناقض" (٢).


(١) انظر: الإسعاف في أحكام الأوقاف، برهان الدين إبراهيم الطرابلسي، ٩٣ - ٩٤.
(٢) انظر: الفتاوي الهندية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، وبهامشه فتاوي قاضيخان والفتاوي البزازية، الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند الأعلام، دار صادر، بيروت، ١٤١١ هـ/ ١٩٩١ م، ٣/ ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>