للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أيضًا: "رجل مات وترك ابنين، وفي يد أحدهما ضيعة يزعم أنها وقف عليه من أبيه، والابن الآخر يقول: هي وقف علينا .. قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى: القول قول الذي يد عمي الوقف عليهما؛ لأنها تصادقا أنها كانت في يد أبيهما، وقال غيره: القول قول ذي اليد، والأول أصح" (١).

ومما ورد في كتب الإمامية:

١ - لو ادعى بعض الورثة أن الميت وقف عليهم دارًا ومن بعدهم على نسلهم، طولبوا بالبينة، ويكفي فيها شاهد ويمين عند الأكثر، فإن حلفوا مع شاهدهم قضي بها لهم، فلا يؤدي منه حينئذٍ دين ولا ميراث ولا وصية، فإذا انقرض المدعون معًا أو على التعاقب؛ فهل يأخذ البطن الثاني الدار من غير يمين؟ أو يتوقف على يمينهم؟ قولان.

ومستند التوقف أن البطن الثاني لا يندرج حقه في حق البطن الأول ليكون اليمين من الأولين مثبتًا لحقهم، واليمين إنما هي حجة شرعية في حق من يدعي الحق، لا أنها حجة لإثبات الشيء في نفس الأمر (٢).

واستدل لعدم التوقف بأن أفراد البطن الثاني يتلقون الوقف عن البطن الأول لا عن الواقف، وقد ثبت كونه وقفًا بحجة يثبت بها الوقف فيدوم، كما لو ثبت بالشاهدين؛ ولأنه حق ثبت لمستحق فلا يفتقر بعده إلى اليمين (٣).

٢ - ولو ادعى بعض الورثة أن الميت وقف عليهم دارًا، ومن بعدهم على نسلهم، ونكلوا عن الحلف، فإنه يحكم بها ميراثًا، لكن يبقى نصيب المدعين وقفًا، لأن إقرار العقلاء على أنفسهم جائز، دون نصيب غيرهم، فإذا مات الناكلون صرفت حصتهم إلى أولادهم على سبيل الوقف بغير يمين اتفاقًا؛ لأن الإقرار من ذي النصيب هنا كاف في ثبوت الوقف لهم، ولا وجه لليمين مع عدم المنازع؛ إذ الفرض


(١) انظر: الفتاوى الهندية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، وبهامشه فتاوي قاضيخان والفتاوي البزازية، الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند الأعلام، ٣/ ٢٠١.
(٢) انظر: جواهر الكلام، محمد حسن النجفي، ٤٠/ ٢٩٦.
(٣) انظر: المرجع السابق، ٤٠/ ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>