للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استدل أصحاب هذا الرأي بالأدلة الآتية:

١ - بما رُوي عن ابن عمر رضي الله عنهما: قال: أصاب عمر - رضي الله عنه - أرضًا بخيبر، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط هو أنفس عندي منه، فقال: "إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها"، قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث في الفقراء وفي القربي وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضعيف (١).

وجه الدلالة: قوله: "لا يباع ولا يوهب ولا يورث"؛ يدل على أن الحبس المشروع في الوقف هو المانع من التصرفات، فالرسول يقول لعمر - رضي الله عنه -: "إن شئت حبست أصلها"، ويفسر ذلك التحبيس بأنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يوهب ولا يورث، وعمر - رضي الله عنه - يمتثل لذلك، ويشرط في كتاب وقفه الذي أشهد عليه كبار الصحابة لا تباع ولا توهب ولا تورث، فيمنع التصرفات الناقلة للملكية في حياته وبعد موته، والمنع من التصرفات يدل على لزوم الوقف.

قال الترمذي: "العمل في هذا الحديث عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، لا نعلم بين أحد من المتقدمين منهم في ذلك اختلافًا" (٢).

٢ - بما رُوي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (٣).

وجه الدلالة: قوله: "صدقة جارية؛ يُشعر أن الوقف يلزم، ولا يجوز نقضه، ولو جاز النقض لكان صدقة منقطعة، وقد وصفه في الحديث بعدم الانقطاع (٤).


(١) صحيح البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الوقف، (٢٧٣٧)، وصحيح مسلم، كتاب الوصية، باب الوقف، (١٦٣٢).
(٢) المغني، ابن قدامة، ٦/ ٣.
(٣) صحيح مسلم، كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، (١٦٣١).
(٤) انظر: نيل الأوطار، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني، تحقيق: عصام الدين الصبابطي، دار الحديث، مصر، الطبعة الأولى، ١٤١٣ هـ / ١٩٩٣ م، ٦/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>