للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللحنفية في هذه المسألة تفصيل بيانه فيما يأتي:

إذا كان الوقف عامرًا غير خرب، ولكن صارت غلته قليلة، لا سيما في الوقف الأهلي، حيث تصير حصة كل شخص من أفراد الموقوف عليهم ضئيلة وتافهة لا يؤبه بها، ولم يمكن الاستبدال به، ولم يكن الموقوف عليه مسجدًا، فهل ينتهي الوقف بذلك، وكيف ينتهي؟

هذه الحالة أدرجها الحنفية ضمن وجوه استبدال الوقف الثلاثة.

قال ابن عابدين: "والثالث: أن لا يشترطه أيضًا - أي لم يشترط الواقف الاستبدال - ولكن فيه نفع في الجملة، وبدله خير منه ريعًا ونفعًا" (١).

وللحنفية في ذلك اتجاهان:

الأول: يجوز استبدال الوقف ببيع ونحوه إذا ضعف وقلَّ ريعه.

وهو مذهب أبي يوسف، ونقله في لسان الحكام عن محمد أيضًا، كما سيأتي، وفي فتاوى قارئ الهداية: وعليه العمل، ونقل ابن عابدين عن فتواي قارئ الهداية: أنَّ عليه الفتوى.

الثاني: لا يجوز استبداله ببيع ونحوه، وعليه الفتوى.

قال ابن نجيم: "وذكر محمد في السير الكبير مسألة تدل على عدم جواز الاستبدال بالوقف" (٢)، وقال ابن عابدين: "على الأصح المختار"، وقال ابن الهمام: "ينبغي ألا يجوز"، وقال صدر الشريعة عن المذهب الأول: "ونحن لا نفتي به".


(١) رد المحتار على الدر المختار ("الدر المختار للحصكفي شرح تنوير الأبصار للتمرتاشي" بأعلى الصفحة، يليه مفصولًا بفاصل "حاشية ابن عابدين" عليه المسمى "رد المحتار")، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي المشهور بابن عابدين، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، ط ٢، ١٤١٢ هـ/ ١٩٩٢ م، ٤/ ٣٨٤، وانظر: فتح القدير (بأعلى الصفحة كتاب الهداية" للمرغيناني يليه مفصولًا بفاصل "فتح القدير" الكمال بن الهمام وتكملته "نتائج الأفكار" لقاضي زاده)، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بـ "ابن الهمام"، المطبعة الكبرى الأميرية، القاهرة، ١٩١٦ م، ٦/ ٢٢٨.
(٢) البحر الرائق، ابن نجيم، ٥/ ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>