للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن في المفتى به في هذه المسألة خلاف، كما أشار إليه ابن عابدين نفسه، وتتضح الصورة أكثر بما سيأتي ذكره من نصوص فقهاء المذهب على النحو الآتي:

١ - قال ابن نجيم: "نقل صدر الشريعة أن أبا يوسف يجوز الاستبدال بغير شرط إذا ضعفت الأرض عن الريع، ونحن لا نفتي به، وقد رأينا فيه من الفساد ما لا يعد ولا يحصى؛ فإن ظلمة القضاة جعلوه حيلة إلى إبطال أوقاف المسلمين، وفعلوا ما فعلوا" (١).

٢ - وقال ابن الهمام: "وكذا أرض الوقف إذا قلَّ نزلها، بحيث لا تحتمل الزراعة ولا تفضل غلتها عن مؤنتها، ويكون صلاح الأرض في الاستبدال بأرض أخرى .. وفي نحو هذا من الأنصاري صحة الشرط، لكن لا يبيعها إلا بإذن الحاكم، وينبغي للحاكم إذا رفع إليه ولا منفعة في الوقف أن يأذن في بيعها إذا رآه أنظر لأهل الوقف .. والحاصل أن الاستبدال إما عن شرطه (يعني الواقف) ... أو لا عن شرطه، فإن كان لخروج الوقف عن انتفاع الموقوف عليهم به فينبغي أن لا يختلف فيه ... وإن كان لا لذلك بل اتفق أنه أمكن أن يؤخذ بثمن الوقف ما هو خير منه مع كونه منتفعًا به، فينبغي أن لا يجوز؛ لأن الواجب إبقاء الوقف على ما كان عليه دون زيادة أخرى؛ ولأنه لا موجب لتجويزه؛ لأن الموجب في الأول (٢) الشرط، وفي الثاني الضرورة، ولا ضرورة في هذا؛ إذ لا تجب الزيادة فيه، بل تبقيته كما كان" (٣).

٣ - وفي فتاوى قارئ (الهداية) حين سُئل عن صورة الاستبدال؛ وهل هو قول أبي حنيفة وأصحابه؟ فقال: "إذا تعين بأن كان الموقوف لا ينتفع به، وثمَّ من يرغب فيه ويعطي بدله أرضًا أو دارًا لها ريع يعود نفعه إلى جهة الوقف، فالاستبدال في هذه الصورة قول أبي يوسف ومحمد، وإن كان للوقف ريع ولكن يرغب إنسان في


(١) النهر الفائق شرح كنز الدقائق، سراج الدين عمر بن إبراهيم بن نجيم الحنفي، تحقيق: أحمد عزو عناية، دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤٢٢ هـ./ ٢٠٠٢ م، ٣/ ٣٢٠.
(٢) أي الوجه الأول من وجوه الاستبدال الثلاثة التي ذكرها.
(٣) فتح القدير، ابن الهمام، ٦/ ٢٢٨، والنهر الفائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم، ٣/ ٣٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>