للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الدلالة أنّ قوله: "صدقة جارية" يشعر بأن الوقف يلزم ولا يجوز نقضه، ولا الرجوع فيه؛ إذ لو جاز نقضه لكان الوقف صدقة منقطعة؛ وقد وصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بعدم الانقطاع، كما أنّ الوصف بالجري يستلزم عدم جواز النقض من الغير (١).

٣. ما ثبت من أن خالد بن الوليد - رضي الله عنه - وقف أدرعه وأعتاده في سبيل الله كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وأما خالد فإنكم تظلمون خالدًا، فقد احتبس أدرعه وأعتاده (٢) في سبيل الله" (٣)؛ أي: وقفها في سبيل الله، والتحبيس يستلزم التأبيد والدوام (٤).

ب) وأما الإجماع؛ فيُقصد به: اتفاق الصحابة - صلى الله عليه وسلم - على صحة الوقف، وعدم ثبوت أنّ أحدًا منهم رجع أو نقض وقفه (٥)؛ قال الماوردي: "ويدل على ذلك إجماع الصحابة؛ لأن أبا بكر وعمر وعثمان وعليًا وطلحة والزبير وأنسًا وأبا الدرداء وعبد الرحمن بن عوف وفاطمة وغيرهم .. وقفوا دورًا وبساتين، ولم يُنقل عن أحد منهم أنه رجع


(١) انظر: نيل الأوطار، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني، ٦/ ٢٨.
(٢) الأعتاد جمع قلة للعتاد، وهو ما أعده الرجل من السلاح والدواب وآلة الحرب. النهاية في غريب الحديث: ٣/ ١٧٦.
(٣) الحديث متفق عليه خرجه البخاري في صحيحه، واللفظ له، في كتاب الزكاة حديث رقم ١٤٦٨، وفتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، ٣/ ٣٣١، ومسلم في صحيحه كتاب الزكاة، باب في تقديم الزكاة ومنعها، حديث رقم ٩٨٣، والمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، ٤/ ٦٣.
(٤) انظر: المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، ٤/ ٦٣.
(٥) انظر: شرح السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي، ٨/ ٢٨٨، والجامع لأحكام القرآن (المعروف بتفسير القرطبي)، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي، ٦/ ٣٣٩، والمبدع في شرح المقنع، أبو إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح، ٥/ ٣٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>