للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في وقفه فباع منه شيئًا، ولا عن أحد من ورثتهم مع اختلاف همهم، فلو كان ذلك جائزًا لنقل عن أحد منهم الرجوع" (١).

ج) وأما النّظر؛ فقالوا: إنّ الوقف إزالة ملك يلزم بالوصية؛ فإذا نجزه حال الحياة الزم من غير حكم؛ كالعتق (٢).

واستدل من اشترط القبض بما يأتي:

قالوا: الوقف تبرع بمال، فلم يخرجه عن الملكية، فلم يلزم بمجرده؛ كالهبة والوصية (٣).

وقالوا: الوقف "صدقةٌ، فيكُونُ التَّسْليمُ من شَرْطِهِ؛ كالصَّدَقَةِ الْمُنَفَّذَةِ؛ وَلِأَنَّ التَّمليك من الله تعالى لا يتحقَّقُ قصدًا؛ لأنه مَالِكُ الأشياء، ولكنه يَثْبُتُ في ضمن التَّسليم إلى العبد، كما في الزكاة وغيرها من الصدقات المُنَفَّذَةِ" (٤).

القول الثاني:

الوقف لا يلزم بمجرده؛ فهو بمنزلة العارية، وللواقف الرجوع فيه مع الكراهة، ويورث عنه، ولا يلزم إلا بأحد أمرين:

- إما أن يحكم به حاكم.

- أو يخرجه الواقف مخرج الوصية.

وفيما عدا هاتين الحالتين؛ فإن الوقف لا يكون لازمًا، وللواقف بيع الموقوف وهبته، وإذا مات يصير ميراثًا لورثته، وهذا قول أبي حنيفة، واختاره زفر بن الهذيل


(١) الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الشهير بالماوردي، ٧/ ٥١٣.
(٢) المغني، ابن قدامة المقدسي، ٦/ ٤، والحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الشهير بالماوردي، ٧/ ٥١٢، المبدع في شرح المقنع، أبو إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح، ٥/ ٣٥٣.
(٣) انظر: المغني، ابن قدامة المقدسي، ٦/ ٥.
(٤) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ، فخر الدين عثمان بن علي بن محجن البارعي الزيلعي الحنفي، ٣/ ٣٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>