للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصرّح الإمامية بأنه لو نوى الواقف بلفظ "تصدقت" الوقف وقع باطنًا؛ ودِين بنيته لو ادعاه أو ادعى غيره (١).

والحنابلة وإن كانوا يعتبرون لفظ "تصدقت" من كنايات الوقف، إلا أنهم يقولون: إن لفظ "تصدقت" يختلف عن بقية كنايات الوقف في أن بقية الكنايات إذا قال الواقف: أردت الوقف، يتم الوقف، ولا يلتفت إلى إنكار الموقوف عليه، بخلاف لفظ "تصدقت" حيث يؤثر فيه إنكار المتصدق عليه، فقال الرحيباني: فلو قال رب دار: تصدقت بداري على زيد، ثم قال المتصدق: أردت الوقف، وأنكر زيد وقال: إنما هي صدقة، فلي التصرف في رقبتها بما أريد؛ قُبل قول زيد، ولم يكن وقفا؛ لمخالفة قول المتصدق للظاهر؛ لأن زيدًا يدعي ما اللفظ صريح فيه، والواقف يدعي ما هو كناية فيه، فقدمت دعوي زيد، لكن إن كان الواقف قد نوى الوقف؛ كان وقفًا باطنًا، وحصل له ثواب الوقف؛ وبهذا يعلم الفرق بين (تصدقت) وغيرها من بقية الكنايات التي ليست صريحة (٢).

٢ - أما إذا صدر لفظ الصدقة مقترنًا بقيد فقد اتفق الفقهاء على انعقاد الوقف به في الجملة؛ لأن القيد إنما هو بمثابة قرينة تزيل الاشتراك (٣).

وللفقهاء تفصيل في كيفية التقييد وما يفيده:

فقد ذكر الحنفية للوقف بلفظ "الصدقة" المقيد سبعة صور:


(١) انظر: اللمعة الدمشقية، السعيد محمد بن جمال الدين مكي العاملي، ٣/ ١٦٤.
(٢) انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، ٥/ ٥، ومطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، مصطفى بن سعد بن عبده الدمشقي الحنبلي، ٤/ ٢٧٣ - ٢٧٥.
(٣) انظر: أحكام الوقف، هلال الرأي بن يحيى بن مسلم، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، الهند ط ١، ١٣٥٥ هـ، ٤ وما بعدها، وأحكام الأوقاف، أبو بكر أحمد بن عمرو الشيباني المعروف بالخصاف، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، ١٦، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن نجيم المصري، ٦/ ٢٠٥ - ٢٠٦، وفتح القدير شرح الهداية، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، ٦/ ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>