للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون صريحًا بلفظ ما؛ لأنه صريح في التمليك المحض، وأما النية، فإن أضاف إلى جهة عامة بأن قال: تصدقت به على المساكين، ونوى الوقف .. فوجهان؛ أحدهما: أن النية لا تلتحق باللفظ في الصرف عن صريح الصدقة إلى غيره، وأصحهما: تلتحق فيصير وقفًا، وإن أضاف إلى معين فقال: تصدقت عليك، أو قاله لجماعة معينين .. لم يكن وقفًا على الصحيح، بل ينفذ فيما هو صريح فيه، وهو التمليك المحض (١).

ووافق الإباضية الشافعية في انعقاد الوقف بلفظ تصدقت، إذا أضافه إلى جهة عامة ونوى، فقد جاء في شرح النيل: "ولو قال: تصدقت به على المساكين، ونوى الوقف، فعندنا أنه وقف، وأصح وجهي الشافعية، والوجه الآخر أنها صدقة" (٢).

وذهب الحنابلة إلى أنه إذا انضم إلى لفظ "الصدقة" أحد ثلاثة أشياء؛ فإنه يحصل الوقف به: أحدها: أن ينضم إليه لفظ آخر يخلصه للوقف، فيقول مثلًا: صدقة موقوفة، أو محبسة، أو مسبلة، أو محرمة، أو مؤبدة، الثاني: أن يصف الصدقة بصفات الوقف، فيقول: صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث؛ لأن هذه القرينة تُزيل الاشتراك، الثالث: أن ينوي الوقف، فيكون على ما نوى، إلا أن النية تجعله وقفًا في الباطن دون الظاهر؛ لعدم الاطلاع على ما في الضمائر (٣).

وصرّح الإمامية بأنّه لو قال الواقف: جعلته صدقة مؤبدة محرمة، كفي؛ لأنه كالصريح، أما لفظ "تصدقت" المجرد فإن انعقاد الوقف عندهم يفتقر إلى قرينة؛ كالتأبيد، ونفي البيع والهبة والإرث، فيصير بذلك صريحًا (٤).


(١) انظر: روضة الطالبين وعمدة المفتين، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، ٥/ ٣٢٣، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، ٢/ ٣٨٢.
(٢) شرح النيل وشفاء العليل، محمد بن يوسف أطفيش، ١٢/ ٤٥٣.
(٣) انظر: المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، ٨/ ١٨٩، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، ٧/ ٥ - ٦.
(٤) انظر: اللمعة الدمشقية، السعيد محمد بن جمال الدين مكي العاملي، ٣/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>