للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مت وقفتُ داري على كذا .. فالصحيح أنه وصية لازمة، لكن لا تخرج عن ملكه، فلا يتصرف فيه ببيع ونحوه بعد موته؛ لما يلزم من إبطال الوصية، وله أن يرجع قبل موته: كسائر الوصايا، وإنما يلزم بعد موته" (١).

وقال البهوتي الحنبلي: "وإن قال: هو وقف بعد موتي؛ صح"؛ لأنه تبرع مشروط بالموت فصح (٢).

لكن الإمامية اشترطوا لذلك صيغة معينة، وهي أن يقول الواقف: إذا مت فاجعلوا هذا وقفًا، يكون وصية بالوقف، وعلى الوصي أن ينفذ، وينشئ الوقف، أما إذا قال الواقف: إذا مت فهذا وقف، لم يصر وقفًا بعد الموت (٣).

وأما الذين لم يشترطوا التنجيز في الصيغة من المالكية، والإباضية، والحنابلة في قول .. فيصح الوقف عندهم بهذه الصيغة من باب أولى (٤).

لكن الإباضية اشترطوا لصحة ذلك أن يذكر في وصيته وجهًا من وجوه الخير أو الأجر، قال أطفيش: فإذا قال: أوصيت بهذا في سبيل الله، أو لسبيل الله ... ؛ بطل، وكان ميراثًا .. وإن ذكر وجهًا من وجوه الأجر جاز، ذكر سبيل الله، أو لم يذكر، مثل أن يقول: أوصيت بهذا الشيء للجهاد، أو صدقة على طلب العلم في سبيل الله (٥).


(١) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن نجيم المصري، ٥/ ٢٠٨.
(٢) كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ٤/ ٢٥٠.
(٣) انظر: الفقه على المذاهب الخمسة (الجعفري، الحنفي، المالكي، الشافعي، الحنبلي)، محمد جواد مغنية، دار العلم للملايين، بيروت، طـ ٦، ١٩٧٩ م، ٥٩٢.
(٤) انظر: الذخيرة، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، ٦/ ٣٢٦، وبلغة السالك لأقرب المسالك (حاشية الصاوي)، أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي الشهير بالصاوي المالكي، ٤/ ١٠٥، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، ٧/ ٢٣، وشرح النيل وشفاء العليل، محمد بن يوسف أطفيش، ١٢/ ٤٥٤.
(٥) انظر: شرح النيل وشفاء العليل، محمد بن يوسف أطفيش، ١٢/ ٤٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>