للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنتهي: يُصرف إلى ورثة الواقف وقفًا عليهم، على قدر إرثهم من الواقف؛ لأن الإطلاق إذا كان له عُرْف صحّ وحُمل عليه، وعُرْف المصرف هنا أولى الجهات به، وورثته أحق الناس ببره، فكأنه عينهم لصرفه (١).

وقال أحمد في رواية عنه: إنه ينصرف إلى المساكين؛ لأنه مصرف الصدقات وحقوق الله تعالى من الكفارات ونحوها، فإذا وجدت صدقة غير معينة المصرف انصرفت إليهم، وعن أحمد رواية أخرى أنه يُجعل في بيت مال المسلمين؛ لأنه مال لا مستحق له، فأشبه مال من لا وارث له (٢).

القول الثاني: ذهب الحنفية في قول أبي حنيفة ومحمد، والشافعية في قول، وهو الأظهر عند الأكثرين من الشافعية، وبعض الحنابلة، وهو اختيار صاحب الإقناع .. إلى أنه يشترط بيان جهة الصرف في الصيغة، فإذا صدرت الصيغة خالية من بيان جهة الصرف؛ لم يصح الوقف (٣)، فقال ابن عابدين الحنفي: "لو قال: أرضي هذه موقوفة، ولم يزد؛ لا يجوز إلا عند أبي يوسف، ويكون وقفًا على المساكين" (٤)، وقال النووي الشافعي: "الشرط الرابع: بيان المصرف، فلو قال: وقفت هذا، واقتصر عليه؛ فقولان، وقيل: وجهان، أظهرهما عند الأكثرين: بطلان الوقف" (٥).

واستدلوا لذلك بالقياس على البيع والهبة، فهو كمن قال: بعتُ داري بعشرة أو وهبتها، ولم يقل لمن؛ ولأن الوقف يقتضي التمليك؛ فلا بد من ذكر المملَّك، ولأن جهالة المصرف مع ذكره مبطلة، فعدم ذكره أولى بالإبطال (٦).


(١) انظر: شرح منتهى الإرادات، ٢/ ٤٠٧.
(٢) انظر: المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، ٨/ ٢١١.
(٣) انظر: رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، محمد أمين الدمشقي الحنفي المعروف بابن عابدين، ٤/ ٣٥٠، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، ٥/ ٣٣١، وكشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ٤/ ٢٥٠.
(٤) رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، محمد أمين الدمشقي الحنفي المعروف بابن عابدين، ٤/ ٣٥٠.
(٥) روضة الطالبين وعمدة المفتين، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، ٥/ ٣٣١.
(٦) انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ٤/ ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>