للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الأول: أن يحكم الحاكم (القاضي) بلزوم الْوَقْف، فإن حصل نزاع بين الواقف والناظر في العين الموقوفة، وحكم القاضي بكونه وقفًا، صار لازمًا، لأن قضاء القاضي في المسائل الاجتهادية يحسم النزاع، ويرفع الخلاف في المسألة.

الأمر الثاني: أن يكون الْوَقْف على مسجد، ويأذن للناس بالصلاة فيه، فيلزم هذا الْوَقْف بذلك، دون حاجة إلى حكم حاكم، فلا يجوز الرجوع عنه، ولا يكون ميراثًا بعد وفاة الواقف؛ لأن المسجد يكون خالصًا لله تعالى، ويتخصص للصلاة، فيكون لازمًا.

والأمر الثالث: أن يخرج الْوَقْف مخرج الوصية، بأن علَّق الواقف الْوَقْف بوفاته، كأن يقول: وقفت داري بعد موتي على الفقراء والمساكين، فإذا قال ذلك؛ خرج الْوَقْف من ملك الواقف بعد وفاته محسوبًا من ثلث التركة.

واستدلوا لذلك بما يأتي:

١ - حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه - رضي الله عنه - أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا رسول الله، إنَّ حَائِطي هذا صدقةٌ، وهو إلى الله ورسوله، فجاء أبَوَاهُ فقالا: يا رسول الله، كان قِوَامُ عَيْشِنَا، فردَّهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم ماتَا فَوَرِثْهُمَا ابنهما (١)، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - ردَّ الصدقة، ولو كان الْوَقْف لازمًا لما رده.

٢ - ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لما نزلت سورة النساء قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حَبْسَ بعد سُورةِ النِّساءِ" (٢).


(١) سنن الدارقطني، علي بن عمر أبو الحسن الدارقطني البغدادي، رقم (٤٥٠٩)، ٤/ ٢٠١، والمحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، ٨/ ١٥٢ - ١٥٣ وقد أعله ابن حزم بالانقطاع، وهو حديث ضعيف؛ لأنَّهُ مرسل، ونصب الراية لأحاديث الهداية مع حاشيته بغية الألمعي في تخريج الزيلعي، جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن محمد الزيلعي، مؤسسة الريان للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، دار القبلة للثقافة الإسلامية، جدة، السعودية، ١/ ٢٩٠.
(٢) المعجم الكبير، أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي الطبراني، رقم (١٢٠٣٣)، والمحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، ٨/ ١٥٢، وذكر أنه حديث موضوع ولا يصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>