للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما اعتبر الفقهاء الشهادة شرطًا لسماع دعوى الْوَقْف عند الإنكار، فذكر أبو بكر الخصاف أنه: إن شهد الشهود أن فلانًا أقرَّ عندنا أنه وقف هذه الأرض وقفًا صحيحًا، وحددها، وأنه كان مالكها في وقت ما وقفها .. قضينا بأنها وقف من قبل الواقف، وأخرجناها من يدي الذي هي في يديه، ثم قال في الجواب عن السؤال التالي: ما تقول إن شهد الشهود أن فلانا وقف هذه الأرض وقفًا صحيحًا وحددها، والأرض في يدي وارث الواقف؛ يقول: ورثها عنه، ويجحد الْوَقْف؟ أقضي بها وقفًا في الوجوه التي سبلها فيها، وكذلك إن كانت في يدي وصي الواقف؛ يقول: هي في يدي لفلان الذي أوصى إليَّ أو كانت في يد رجل يقول: كنت وكيلًا لفلان الواقف فيها، وقد أقام البينة الذين يدعون أنها وقف على إقرار الواقف أنه وقفها عليهم ومن بعدهم على المساكين، وكانت الشهادة بحضرة وارث الواقف، أو بحضرة وصيه؛ قال: أقضي أنها وقف من الواقف (١).

ومن أقدم وثائق الْوَقْف وثيقة وقفية عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - التي رواها أبو داود عن يحيى بن سعيد عن صدقة عمر بن الخطاب قال: نسخها لي عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما كتب عبد الله عمرُ في ثَمْغٍ (أرض تلقاء المدينة)، فقص من خبره نحو حديث نافع قال: غير متأثل مالًا، فما عفا عنه من ثمره، فهو للسائل والمحروم، قال: وساق القصة، قال: وإن شاء وليُّ ثَمْغٍ اشتري من ثمره رقيقًا لعمله، وكتب معيقيب، وشهد عبد الله بن الأرقم.

بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أوصى به عبد الله عمرُ أمير المؤمنين: إن حدث به حدث أن ثَمْغًا، وصرمة بن الأكوع، والعبد الذي فيه، والمائة سهم التي بخيبر، ورقيقه الذي فيه، والمائة التي أطعمه محمد صلى الله عليه وسلم بالوادي، تليه حفصة ما عاشت، ثم يليه ذو الرأي من أهلها، ألا يباع، ولا يشترى، ينفقه حيث رأى من السائل والمحروم، وذوي القربى، ولا حرج على من وليه إن أكل، أو آكل، أو اشترى رقيقًا منه (٢).


(١) انظر: أحكام الأوقاف، أبو بكر أحمد بن عمرو الشيباني المعروف بالخصاف، ٢١٠.
(٢) سنن أبي داود، أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السِّجِسْتاني، رقم (٢٨٧٩) ٣/ ١١٧، وصحح إسناده ابن الملقن وغيره في: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير، ابن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري، ٧/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>