للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقول الله تعالى: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (١)، وكل ما ذكرنا كسب على غيره وحكم بالباطل يمضيه أحد على أحد" (٢).

ب) أما التوكيل العام؛ كأن يقول الموكل لشخص: أنت وكيلي في كل شيء، أو في كل أموري، أو فوضت إليك كل شيء .. فقد اختلف الفقهاء في صحة هذه الوكالة على قولين:

القول الأول: لا تصح الوكالة العامة عند أبي حنيفة، وهو مذهب الشافعية والحنابلة؛ لما فيها من غرر، وقالوا: إنما يجوز منها ما سمي وحدد ونص عليه، قال ابن رشد من المالكية: وهو الأقيس؛ إذ كان الأصل فيها المنع، إلا ما وقع عليه من الإجماع (٣)، وعليه فلا يصح الْوَقْف بالتوكيل العام عندهم؛ لعدم إجازتهم الوكالة العامة أساسًا.

القول الثاني: يصح الْوَقْف بالتوكيل عند القائلين بجواز الوكالة العامة، وعلى ذلك أكثر الحنفية، والمالكية، وبه قال ابن أبي ليلى، إلا أن المفتى به عند الحنفية عدم صحة الْوَقْف بالوكالة العامة، وقال بعضهم بصحة الْوَقْف بالوكالة العامة لإطلاق لفظ التعميم (٤).


(١) سورة الأنعام، آية ١٦٤.
(٢) المحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، المسألة رقم (١٣٦٣)، ٧/ ٩١.
(٣) انظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الشهير بابن رشد الحفيد، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، ط ٤، ١٣٩٥ هـ / ١٩٧٥ م، ٢/ ٣٠٢.
(٤) انظر: فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، ٧/ ٥٠١، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن نجيم الحنفي، ٧/ ١٤٠، وغمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني الحموي الحنفي، ٣/ ٢٥ - ٢٦، والفتاوي الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، ٣/ ٥٦٥، وبداية المجتهد ونهاية المقتصد، أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الشهير بابن رشد الحفيد، ٢/ ٣٠١ - ٣٠٢ وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، ٣/ ٣٨٠، ونهاية المحتاج، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملي الشهير بالشافعي الصغير، ٥/ ٢٥، والمغني، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الدمشقي الصالحي الحنبلي، ٥/ ٢١١ - ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>