للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المالكية: لا يصح وقف الكافر في قرية دينية، فيبطل عندهم وقف الكافر لمثل مسجد ورباط وجهاد وحج وأذان مما يتعلق بدين الإسلام، وفي سماع ابن القاسم من المالكية: إن حبس ذمي دارًا على مسجد رد، وروى ابن معن في نصرانية بعثت بدينار للكعبة فرده عليها مالك، أما وقفهم في منفعة عامة دنيوية كبناء قنطرة، وكسبيل ماء، ونحوها .. فيصح عند الحاجة (١).

القول الثاني: صحة وقف الذمي فيما لا يعتقده قربة إعتبارًا باعتقادنا، وهو مذهب الشافعية، ومثلوا له بالوقف على المصاحف والكتب العلمية، كما يصح عندهم وقفهم للمسجد (٢).

القول الثالث: أن ما لا يصح من المسلم الوقف عليه لا يصح من الذمي، وهو مذهب الحنابلة، وبناء على هذا الأصل يصح الوقف على القريب من مسلم وذمي ونحو ذلك من القرب؛ كالربط والخانات لأبناء السبيل، كما يصح وقف نمي على ذمي معين غير قريبه، وشرط استحقاقه ما دام ذميًا لاغٍ، ويستمر له إذا أسلم بطريق أولى، ويصح الوقف على من ينزل الكنائس والأديرة ونحوها من مارٍ ومجتاز فيها فقط؛ لأن الوقف عليهم لا على البقعة، والصدقة عليهم جائزة.

أما لو كان الوقف على من يمر بها أو يجتاز من أهل الذمة فقط؛ فقد اختلف فقهاء الحنابلة فيه على رأيين:

الرأي الأول: لم يصح لبطلان الوقف على اليهود والنصارى، قال الحارثي: وهو المذهب كما في شرح المنتهى.


(١) انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، ٤/ ٧٨ - ٧٩، والتاج والإكليل لمختصر خليل، أبو عبد الله المواق محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري الغرناطي المالكي، دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١٦ هـ/ ١٩٩٤ م، ٧/ ٦٣٥، وشرح منح الجليل على مختصر العلامة خليل (وبهامشه حاشية المسماة تسهيل منح الجليل)، الشيخ محمد عليش، ٤/ ٤٢.
(٢) انظر: الغرر البهية في شرح البهجة الوردية، زين الدين أبو يحيى زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السنيكي، ٣/ ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>