للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأي الثاني: يصح، قاله ابن مفلح في الفروع نقلًا عن المنتخب.

وفي صحة وقف الذمي على الكنائس وشبهها رأيين أيضا:

الرأي الأول: لا يصح الوقف على كنائس وبيوت نار وبيع وأديرة ومصالحها كقناديلها ووقودها وسدنتها، نص عليه الحنابلة؛ لأنه معونة على معصية (١).

والرأي الثاني: يصح الوقف الذي على البيع والكنائس، قاله الإمامية؛ لأن الذمي يعتقد التقرب به إلى الله تعالى، فيقر على دينه؛ لأنه لا بد له من متعبد (٢)، وقالوا: لو وقف الذمي على الفقراء انصرف إلى فقراء نحلته (٣).

القول الرابع: أن الوقف من الذمي لا يصح، وهو ظاهر مذهب الزيدية؛ لأنه يُشترط في الواقف التكليف والإسلام؛ بناء على أن القرية لا تصح من غير المسلم (٤).

إلا أنه حكي الخلاف في تفسير وجوب الإسلام في الوقف، هل المراد به نفي الصحة، قياسًا على الهبات والعطايا؟ أم أنه صحيح مع عدم القبول لصدقته؛ كما يدل عليه قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} (٥)؟ فعدم القبول لا ينافي عدم الصحة؛ لأن مانع القبول ليس مانعا للانعقاد، بل الإحباط فرع الصحة؛ حيث لا يُحبط إلا موجود، ولهذا وردت أحاديث: "لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلًا (٦) في كثير من فسَّاق المسلمين (٧).


(١) انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ٤/ ٢٤٥: ٢٤٧.
(٢) انظر: مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة السيد محمد جواد الحسيني العاملي، ٢١/ ٦٠٩.
(٣) انظر: شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، المحقق الحلي أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن، ١/ ٤٥٧.
(٤) انظر: ضوء النهار المشرق على صفحات الأزهار، الحسن بن أحمد الجلال، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء، ط ١، ١٤٢٩ - ١٤٣٠ هـ/ ٢٠٠٨ - ٢٠٠٩ م، ٦/ ٩٠، والبحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضي، دار الكتاب الإسلامي، ج ٥/ ١٥٠.
(٥) سورة التوبة، آية ٥٤.
(٦) الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه المعروف بصحيح البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري، رقم الحديث (٧٣٠٠).
(٧) انظر: ضوء النهار المشرق على صفحات الأزهار الحسن بن أحمد الجلال، ٦/ ٩٠ - ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>