للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - أن ما عدا العقار من الدور والأراضي لا تثبت فيه الشفعة، ولا يستحق بها، فلم يصح وقفه (١).

القول الثاني: جواز وقف المنقول تبعًا، أما استقلالًا فيجوز في السلاح والكراع دون غيرهما، وبه قال أبو يوسف صاحب أبي حنيفة (٢)، وهو مذهب الظاهرية (٣).

فجاء في الهداية للميرغناني الحنفي: "وقال أبو يوسف: إذا وقف ضيعة ببقرها وأكرتها وهم عبيدها جاز، وكذا سائر آلات الحراثة؛ لأنه تبع للأرض في تحصيل ما هو المقصود، وقد ثبت من الحكم تبعًا، ما لا يثبت مقصودا"، وهو قول إسحاق بن راهويه، قال: "كانوا يحبسون الدور والأرضين، ولا يحبسون من المنقولات إلا الكراع والسلاح" (٤).

ويؤخذ قول الظاهرية من صنيع ابن حزم وهو يعدد ما يجوز وقفه؛ إذ أجاز الوقف في الدور والأرضين بما فيها من الغرس والبناء، وفي المصاحف والدفاتر والعبيد والسلاح والخيل في سبيل الله عز وجل في الجهاد فقط لا في غير ذلك، وقوفًا منه عند مورد النص (٥).

الأدلة: استدلوا لجواز وقف المنقول تبعًا بأن من الأحكام ما يثبت تبعًا ولا يثبت قصدًا، ويُغتفر في التوابع ما لا يُغتفر في غيرها، ووقف المنقول من هذا الباب (٦).

واستدلوا لجواز وقف السلاح والكراع من المنقول استقلالًا بأن القياس ألا يجوز وقف المنقول؛ لأن من شرط الوقف التأييد، والمنقول لا يتأبد، فيقتصر على مورد الشرع وهو السلاح والكراع كما في حديث خالد - رضي الله عنه -، ويبقى ما وراءه على أصل القياس (٧).


(١) انظر: المعونة، أبو محمد البغدادي المالكي، ٣/ ١٥٩٣، والحاوي الكبير، الماوردي، ٧/ ٥١٧.
(٢) انظر: فتح القدير، ابن الهمام، ٦/ ٢١٧.
(٣) انظر: المحلى بالآثار، ابن حزم، ٩/ ١٧٥.
(٤) موسوعة فقه إسحاق بن راهويه، ص ٧٩٦.
(٥) انظر: المحلى بالآثار، ٩/ ١٧٥.
(٦) انظر: بدائع الصنائع، ٦/ ٢٢٠، والهداية في شرح بداية المبتدي، علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني المرغيناني أبو الحسن برهان الدين، ٦/ ٢١٦.
(٧) انظر: تبيين الحقائق، الزيلعي، ٣/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>