للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخُصِّص جانب من أوقاف مارستان سيدي فرج في مدينة فاس بالمغرب لغسل وتكفين الغرباء والفقراء من الموتى، وضمان جنازة لائقة لهم (١)، ولا تكاد مدينة من المدن الإسلامية إلا ويوجد فيها وقف لخدمة الموتى الفقراء، بل إن بعض المساجد ألحق بها ما يعرف باسم مسجد الجنائز؛ حيث كان يغسل الموتى ويصلى عليهم (٢).

وقد حرص أهل المغرب على وقف المصاحف على الحرمين الشريفين، فيُذكَرُ أن الجارية القيروانية "فضل"؛ مولاة أبي أيوب أحمد بن محمد .. قد خطَّت المصحف بيدها ببراعة فائقة، ووقفته على القرَّاء بمسجد القيروان في محرم ٢٩٥/ ٩٠٧ م (٣).

كما حبس السلطان أبو يعقوب يوسف المريني (ت ٦٠٧ هـ / ١٢١١ م) على الحرم المكي مصحفًا، وقام السلطان أبو سعيد عثمان بن أبي يوسف المريني ملك المغرب بكتابة مصحف بيده ووقفه على المسجد الأقصى (٤)، ويذكر أن السلطان أبو عنان المريني قد وقف مكتبة المصاحف بالقرويين التي كانت في قبلة المسجد، وأنَّ أبا الحسن عليَّ بن عثمان خصَّص في عام ٧٣٨ هـ/ ١٣٣٨ م ستة عشر ألفًا وخمسمائة دينار ذهبي لشراء الرياع في القدس والحرمين الشريفين (٥)، وقد جاء من بعده المولى عبد الله بن إسماعيل فوقف السلطان على المسجد النبوي ثلاثة وعشرين مصحفًا، كلها محلاة بالذهب ومرصَّعة بالدر والياقوت (٦).

ولقد أدى الازدهار العلمي في الغرب الإسلامي؛ بخاصة في العصر المريني في المغرب (٦١٠ - ٨٦٩ هـ / ١٢١٤ - ١٤٦٥ م) إلى بروز ظاهرة فريدة في الوقف تتجلى في


(١) انظر: أوقاف مكناس في عهد مولاي إسماعيل (١٠٨٢ - ١١٣٩ هـ)، رقية بلمقدم، ١/ ٦٣.
(٢) انظر: دولة المرابطين في عهد علي بن تاشفين دراسة سياسية حضارية، د سلامة البلوي، دار الندوة الجديدة، بيروت، ١٩٨٥ م، ٣٧٧.
(٣) انظر: جني زهرة الآس في بناء مدينة فاس، الجزنائي، ٧٦.
(٤) انظر: مكتبات بيت المقدس، د. سلامة البلوي، ٧٤، ولا يزال هذا المصحف محفوظًا المتحف الإسلامي في القدس، وقد فقدت خمسة أجزاء من أجزائه الثلاثين في عام ١٩٣٢ م (الموسوعة الفلسطينية، ٣٠٢ - ٣٠٣).
(٥) انظر: أوقاف المغاربة في القدس وثيقة تاريخية سياسية قانونية، التازي، مطبعة فضالة، المحمدية المغرب، ١٩٨١ م، ٢١.
(٦) انظر: إتحاف الناس بأخبار حاضرة مكناس، ابن زيدان، ٢/ ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>