للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرة الكراسي العلمية أو كراسي الوعظ المخصصة لكبار العلماء في مختلف المساجد، وبخاصة في جامع القرويين، كلها تؤدي مهمتها في التثقيف ومحاربة الأمية (١).

وكانت الكراسي العلمية تقسم إلى قسمين: كراسي التوريق (الوعظ والتذكير)، وكراسي التدريس، وكانت كراسي التوريق موجهة لتعليم الراشدين من العامة من خلال كتب بعينها (٢).

وقد ظهرت هذه الكراسي لأول مرة في جامع القرويين سنة ٦٥١ هـ / ١٢٣٥ م بمبادرة من إمام جامع القرويين على بن الحاج (٦٥٣ هـ/ ١٢٥٥ م)، ويُذكر أنه كان هناك تسع كراسٍ في القرن التاسع الهجري بجامع القرويين، مخصَّصة لتدريس الحديث والفقه والقراءات والنحو، من خلال كتب معينة حبسها المحبسون لذلك (٣).

وقد رُصدت أوقاف كثيرة على هذه الكراسي والعلماء الذين يقومون بالتدريس فيها، ومن الأمثلة على ذلك كرسي المحراب الذي وُقف عام ٦٥١ هـ /١٢٥٣ م، فكان عدد العقارات المحبسة عليه ٢١ عقارًا، (١٢ عقارًا للقراءة في الصباح، و ٩ عقارات للقراءة في المساء)، وكان هذا الكرسي مخصَّصًا في بدايته لتدريس تفسير القرآن الكريم للثعالبي وحلية الأولياء لأبي نعيم، ثم أضيف إليه لاحقًا كتاب إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي، وكتاب الشفاء للقاضي عياض (٤).

ويُعدُّ كرسي الفقيه الونشريسي من أثرى الكراسي العلمية وأغناها بالقرويين؛ لذا كان معروفًا لدى الناس باسم كرسي القاضي، فكان من ضمن أحباسه ٨٧ حانوتًا وعقارًا وأرضًا موزعة في أهم جهات المدينة (٥).


(١) انظر: جامع القرويين، التازي، ٢/ ٤٠٢.
(٢) انظر: بيوتات فاس الكبرى، ابن الأحمر، ٢٣.
(٣) انظر: تاريخ التعليم بالمغرب، الحسين إسكان، ٨٢، ومؤسسة الأوقاف وأهميتها الفكرية والاجتماعية والاقتصادية بمدينة فاس، السعيد لمليح، مجلة دعوة الحق، ع ٣٦٣، ٢٠٠٢ م، ٩٣.
(٤) انظر: دور الوقف في الحياة الثقافية بالمغرب في عهد الدولة العلوية، السعيد بوركبة، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب ١٩٩٦ م، ١/ ١٦٤.
(٥) انظر: جامع القرويين، التازي، ٢/ ٣٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>