للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما كرسي الإمام الورياكلي (٨٨٠ هـ/ ١٤٧٥ م) والمخصَّص لدراسة العلوم والفنون؛ فيعدُّ أيضًا من أهم الكراسي التي توالت عليه كبار الشخصيات، وكان الإمام عبد العزيز الورياكلي الملقَّب بالصاعقة من أوائل من ارتبط تاريخهم بهذا الكرسي (١).

وتؤكد الدراسات أن هناك عشرات الكراسي العلمية بجوامع المغرب الأخرى؛ رُصدت لها أوقاف ساهمت في استمرار قيامها ونهوضها بدورها في نشر العلم ودعم مسيرة التنوير التي شجَّع عليها الإسلام وجعلها فريضة على كل مسلم ومسلمة (٢).

ولقد تحول الوقف في المغرب في القرن العاشر الهجري إلى تيار اجتماعي عامٍّ لخدمة الغرباء، فتكاثرت المنازل لأبناء السبيل، وظهر لأول مرة موظفون يسألون عن الغرباء للقيام بحق ضيافتهم، ويتحدث الحسن الوزان (المعروف بليون الإفريقي) (ت بعد ٩٥٧ هـ/ ١٥٥٠ م) عن الحفاوة التي كان يُستقبل بها الغرباء في المدن والقبائل المغربية، فيذكر أن سكان مدينة "بولعون" شرقي مدينة أزمور شيدوا بناية من عدة غرف لاستضافة الغرباء على نفقة السكان (٣)، كذلك كان في مدينة "تدنست" بنواحي مراكش ملجأ خاصًّا بإيواء الفقراء والغرباء وإطعامهم (٤)، ويُذكر أيضًا أن سكان مدينة "المدينة" شرقي مراكش قاموا ببناء دار لضيافة الغرباء (٥)، وكان هناك في مدينة "تاكوليت" بنواحي مراكش أربعة ملاجئ للفقراء (٦).

وكان في مدينة مكناس في المغرب أوقاف للمساجين عبارة عن سبعة حوانيت يُنفق ريعها على المساجين (٧)، ونصَّت الست فاطمة عثمانة - وهي من أشهر المحسنات الواقفات في تونس - أن يُصرف من ريع وقفها ما يكفي لشراء طعام وشراب للمساجين المحبوسين في سجن القصبة (٨).


(١) انظر: جامع القرويين، التازي، ٢/ ٣٧٧ - ٣٨١.
(٢) انظر: دور الوقف في الحياة الثقافية بالمغرب في عهد الدولة العلوية، السعيد بوركبة، ١/ ١٦٤.
(٣) انظر: وصف إفريقيا، ليون الإفريقي، ١٢٢.
(٤) انظر: المرجع السابق، ٧٨.
(٥) انظر: المرجع السابق، ٨٠.
(٦) انظر: المرجع السابق، ٧٩.
(٧) انظر: أوقاف مكناس في عهد مولاي إسماعيل (١٠٨٢ - ١١٣٩ هـ)، رقية بلمقدم، ٢/ ٣٦٩.
(٨) انظر: صور من التكافل الاجتماعي، د سلامة البلوي، ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>