للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في البحر الرائق: "وأما ما سوى الكراع والسلاح فعند أبي يوسف: لا يجوز وقفه؛ لأن القياس إنما يُترك بالنص، والنص ورد فيهما فيقتصر عليه، وقال محمد: يجوز وقف ما فيه تعامل من المنقولات، واختاره أكثر فقهاء الأمصار، وهو الصحيح" (١).

الأدلة: استدل من قال بجواز وقف المنقول تبعًا للعقار مطلقًا، وجواز وقفه استقلالًا فيما جرى به التعامل .. بأن القياس ألا يجوز وقف المنقول استقلالًا؛ لأن من شرط الوقف التأبيد، والمنقول لا يتأبد، لكن تُرك هذا القياس في أمرين:

الأول: في السلاح والكراع، استحسانًا؛ للآثار المشهورة فيه، ومن ذلك: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وأما خالد فإنكم تظلمون خالدًا، فقد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله" (٢)؛ وقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة، وكان ينفق على أهله نفقة سنته، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله" (٣).

الثاني: فيما جرى فيه التعامل بالتعامل؛ لقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: "ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن" (٤)، ولأن التعامل أقوى من القياس فيترك به القياس؛ كالاستصناع، فبقي ما وراء ذلك على أصل القياس.

وأما جواز وقف المنقول تبعًا للعقار؛ فلأنه لما جاز إفراد بعض المنقول بالوقف فلأن يجوز الوقف فيه تبعًا أولى (٥).

القول الخامس: جواز وقف المنقول مطلقًا، ويكره في الرقيق خاصة، وهو قول مالك في الموازية (٦).


(١) البحر الرائق، ابن نجيم، ٥/ ٨١٢.
(٢) صحيح البخاري، ٢/ ١٢٢، وصحيح مسلم ٢/ ٦٧٦.
(٣) صحيح البخاري، ٢٩٠٤، وصحيح مسلم، ١٧٥٧.
(٤) مسند أحمد، ١/ ٣٧٩، ومستدرك الحاكم، ٣/ ٨٣.
(٥) انظر: بدائع الصنائع، الكاساني، ٦/ ٢٢٠.
(٦) انظر: النَّوادر والزّيادات على ما في المدونة من غيرها من الأُمهات، أبو محمد عبد الله بن (أبي زيد) عبد الرحمن النفزي القيرواني المالكي، تحقيق: د. عبد الفتّاح محمد الحلو، مكتبة الغرب الإسلامي، بيروت، ١٢/ ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>