للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: صحة وقف المشاع إن كان مما لا يقبل القسمة، فإن كان يقبلها لم يصح وقفه على جهة الشيوع، وهو القول الآخر عند الحنفية، قاله منهم محمد بن الحسن الشيباني، وتبعه عليه مشايخ بخارى (١)، وهو قول عند الزيدية، فورد في شرح الأزهار: "وقال المؤيد بالله في الظاهر من قوليه: إنه يصح إن كان لا يحتمل القسمة، أو كان الشياع مقارنًا" (٢).

أدلة القول:

١ - أن من شرط الوقف القبض والحرز، والشيوع ينافي القبض؛ لأن تمام القبض فيما يحتمل القسمة بالقسمة قياسا على الصدقة المنفذة (٣).

٢ - قالوا: ثم إن القسمة بيع، وبيع الوقف ممنوع، وبيان ذلك أن كل جزء من أجزاء المملوك مشاعا يرد عليه أنه موقوف، وعند القسمة والفرز يتحقق ذلك في الأجزاء الموقوفة أيضًا، والقسمة بيع، فمنعناه فيما يقبل القسمة لأجل ذلك (٤).

القول الثالث: عدم صحة وقف المشاع إن كان مما لا يقبل القسمة، وهو قول في مذهب المالكية، اختاره منهم أبو الحسن اللخمي (٥)، وهو أيضًا قول للإباضية، كما جاء في التاج: "ولا يجوز في مشاع الإضرار بالشّريك، ولا يصحّ فيه قسم إلّا لِمُوقِفٍ مَا حَيِي؛ وإن حكم به جاز" (٦).

أدلة القول:

استدلوا بقاعدة دفع الضرر عن الشريك، قالوا: لأنه لا يقدر على البيع، وإن فسد شيء في الموقوف المشاع لم يجد من يصلحه (٧).


(١) انظر: المبسوط، السرخسي، ١٢/ ٣٧، وفتح القدير، ابن الهمام، ٦/ ٢١١.
(٢) شرح الأزهار، ابن مفتاح، ٥/ ١٧٧.
(٣) انظر: فتح القدير، ابن الهمام، ٥/ ٤٥٤.
(٤) انظر: فتح الباري، ابن حجر، ٥/ ٤٥٤.
(٥) انظر: حاشية الدسوقي، ٤/ ٧٦.
(٦) التاج، الثميني، ٦/ ١٠٦.
(٧) انظر: الذخيرة، القرافي، ٦/ ٣١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>