للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن مكتبات المساجد المشهورة في الأندلس، مكتبة المسجد الجامع بقرطبة التي أسسها الخليفة الأموي "الحكم المستنصر" عام ٣٥٠/ ٩٦١ م، وعيّن فيها عددًا كبيرًا من المجلدين (١)، ومكتبة مسجد الزهراء، ومكتبة مسجد مالقة (٢)، ومكتبة مسجد طليطلة، حيث كانت من المكتبات الشهيرة التي كان يقصدها حتى الطلبة النصارى من مختلف أنحاء أوروبا (٣).

وإذا علمنا أنه كان في قرطبة في منتصف القرن الرابع الهجري ثلاثة آلاف مسجد، وأن المساجد في عاصمة صقلية "بلرم" كانت في كل زقاق، وأنه كان فيها ثلاثمائة كتاب في مدينة واحدة، وكان بعضها يتسع لآلاف الطلبة حسب رواية "ابن حوقل" في كتابه "صورة الأرض" .. أدركنا كم كانت الثقافة منتشرة آنذاك، وكم كانت الأمة حريصة على نشر العلم (٤).

وأخيرًا لم تنس الحضارة الإسلامية من رفقها وعطفها: الحيوان؛ فأحاطته بكل رعاية، فوقف أهل الخير ممن مُلئت نفوسهم بالرحمة واستجابوا لتوجيهات الكتاب والسنة في هذا الشأن عشرات الأوقاف لرعاية تلك العجماوات، فوفروا لها الحياة الكريمة، وعاقبوا من قصَّر في العناية بها، ووقفوا لها أحواض المياه، ووقفوا لمن تقدَّم به السنُّ منها المروج الخضراء، ووفروا للقطط الضالة المأوى والطعام، ووفروا العلاج للطيور المهاجرة إذا تعرَّضت للكسر، وغيرها من الأوقاف التي لا يتسع المجال لبسطها (٥).


(١) انظر: التكملة لكتاب الصلة، ابن الأبّار، ١/ ١٩٠.
(٢) انظر: قرطبة في العصر الإسلامي، أحمد فكري، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، ١٩٨٣ م، ١٢٣.
(٣) انظر: تاريخ المكتبات الإسلامية في الأندلس، رضا سعيد مقبل، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب جامعة المنوفية، ٢٠٠١، ٨٩.
(٤) انظر: من روائع حضارتنا، مصطفى السباعي، ١٢٩، والبيان المغرب، ابن عذاري، ٢/ ٢٣٢ - ٢٣٤.
(٥) انظر لمزيد من التفاصيل: الرفق بالحيوان، د. سلامة البلوي، مكتبة الصحابة، الشارقة، ٢٠٠٣ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>