للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجة هذا القول: لم تذكر مراجع هذا القول حجته، ولعلها مراعاة مصلحة الموقوف عليه الذي كان من المفروض أن يستفيد من غلة الوقفين معًا. فإذا توقفت غلة أحد الوقفين واحتاج إلى العمارة أخذت نفقة العمارة من غلة الوقف الآخر المتحد معه في الجهة حتى يكون كلا الوقفين ذا غلة تدر على الموقوف عليه.

القول الرابع: أنه يتم عمارة العين الموقوفة من بيت المال، فإن لم يكن تركت حتى تهلك ولا يلزم المحبس النفقة عليها. وهذا هو قول المالكية (١)، وقال به كثير من الشافعية (٢)، وفقهاء الإمامية المتأخرون (٣).

قال ابن جزي: "وتبتني الرباع المحبسة من غلاتها، فإن لم يكن فمن بيت المال، فإن لم يكن تركت حتى تهلك، ولا يلزم المحبس النفقة عليها" (٤).

وذكر فقهاء الإمامية المتأخرون: أنّ الأعيان الموقوفة إذا احتاجت إلى إنفاق كالتعمير والصيانة ونحوهما، فهناك عدّة طرق لتأمين هذا الأمر:

أولًا: إذا عيّن الواقف لها ما تحتاج إليه فوقفه عليها، أو نذره لها، فيجب الإنفاق من هذا الذي عيّن للإنفاق عليها. قال السيّد الخوئي في منهاج الصالحين مسألة (١١٨١) "إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلى التعمير أو الترميم لأجل بقائها وحصول النماء منها، فإن عيّن الواقف لها ما يصرف فيها عمل عليه" (٥).


(١) انظر: الشرح الكبير، الدردير ٤/ ٩١.
(٢) انظر: المهذب، الشيرازي، ٣/ ٦٨٩.
(٣) انظر: منهاج الصالحين، السيد الخوئي، ٢/ ٢٤٦.
(٤) القوانين الفقهية، ابن جزي، ٣١٩.
(٥) منهاج الصالحين، السيد الخوئي، ٢/ ٢٤٦، وراجع ملحقات العروة الوثقى، ٢/ ٢٦٢، ولكن ذكر السيّد الخوئي تفصيلًا بين المصارف الجزئية والكليّة، فإذا كان ترميم الوقف جزئيًّا فتوجد سيرة عقلائية ارتكازية على وجوب الصرف من حاصل الوقف. وأما إذا كان التعمير كليًّا، فلا يجب على الموجودين الذين يستحقون منافع الوقف أن يصرفوها على تعمير الوقف الذي يكون فائدة تغيره بعد ذلك، لأن المنفعة هي ملك طلق للموجودين، فلهم أن ينتفعوا من الوقف ما داموا موجودين، فلا وجه لأن يصرف الإنسان مال نفسه في حفظ مال شخص آخر، كما أن الواقف لم يشترط في ضمن وقفه إخراج مؤونة الوقف وما يحتاج إليه من جهة العمارة من منافع الوقف قبل القسمة. راجع التنقيح في شرح العروة الوثقى، ٢٧/ ٢٨٣. وما ذُكر هنا هو بحث استدلالي، وما تقدم من السيّد الخوئي في إخراج مؤونة الوقف مطلقًا من منافع الوقف فتوى في رسالته العملية، فالمتّبع هو ما في الرسالة العملية.

<<  <  ج: ص:  >  >>