للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يقل أحد من العلماء بتقديم أي جهة على عمارة الوقف إذا كان الوقف محتاجًا إلى العمارة حتى ولو اشترط الواقف في وقفه أن تقدم الجهة على العمارة خاصة إذا كان في ترك العمارة ضرر أو تعطيل؛ ولذلك قال المالكية: "لو شرط الواقف أنه يبدأ من غلته بمنافع أهله ويترك إصلاح ما تهدم منه أو يترك الإنفاق عليه إذا كان حيوانًا بطل شرطه، وتجب البداءة بمرمته والنفقة عليه من غلته لبقاء عينه" (١).

وقال المناوي الشافعي في بيان أحوال عمارة الوقف: "الثالث: أن يشترط تقديم الجهة عليها فيجب العمل به ما لم يؤد إلى تعطيل أو لحوق ضرر وإلا قدمت العمارة فيكون عقد الوقف مخصصًا للشرط" (٢).

وكذلك قال الحارثي الحنبلي في بيان أحوال عمارة الوقف: "الثاني: اشتراط تقديم الجهة عليها فيجب العمل بموجبه ما لم يؤد إلى التعطيل، فإن أدي إليه قدمت العمارة، فيكون عقد الوقف مخصصًا للشرط" (٣).

لكن العلماء ذكروا بأنه متى ما أمكن الجمع بين المصلحتين وجب الجمع بينهما حسب الإمكان، فقال ابن تيمية: "إذا أمكن الجمع بين المصلحتين بأن يصرف ما لا بد من صرفه الضرورة أهله وقيام العمل الواجب بهم وأن يعمر بالباقي كان هذا هو المشروع. وإن تأخر بعض العمارة قدرا لا يضر تأخره، فإن العمارة واجبة، والأعمال التي لا تقوم إلا بالرزق واجبة، وسد الفاقات واجبة، فإذا أقيمت الواجبات كان أولى من ترك بعضها" (٤).

وقال الرحيباني الحنبلي: ويتجه هذا الجمع بين العمارة وأرباب الوظائف بما إذا احتيج إلى عمارة شرعية، كحائط مسجد ومدرسة وسقفهما فيعاد ذلك بلا تزويق بنفس وصبغ وكتابة وغيره (٥).


(١) حاشية الدسوقي، ٤/ ٩٠.
(٢) تيسير الوقوف، المناوي، ٢/ ٢١٦.
(٣) الإنصاف، المرداوي، ٧/ ٧٢.
(٤) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ٣١/ ٢١٠.
(٥) مطالب أولى النهى، السيوطي الرحيباني، ٤/ ٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>