للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذوي الحاجات من آل عبد الله (١). لذلك ترجم البخاري بابًا آخر عنون له: باب: هل ينتفع الواقف بوقفه؟ قال الحافظ ابن حجر: "أي بأن يقف على نفسه، ثم على غيره، أو يشرط لنفسه من المنفعة جزءًا معينًا ... " وقد اختار البخاري جواز اشتراط أن ينتفع الواقف بوقفه، ثم أرود: أنه قد اشترط عمر - رضي الله عنه -: لا جناح على من وليه أن يأكل منها، وقد يلي الواقف وغيره، وكذلك كل من جعل بدنة وشيئًا الله، فله أن ينتفع بها كما ينتفع بها غيره وإن لم يشترط، ثم أورد حديث أنس بسنده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يسوق بدنة، فقال له: "اركبها"، فقال: إنها بدنة، قال في الثالثة أو الرابعة: "اركبها، ويلك أو ويحك" (٢).

وهذا الشرط محل اتفاق بين الفقهاء، وقد أيده الخليلي في جوابه عن حكم من وقف مالًا له في وجه من وجوه الخير في حياته، وشرط لنفسه الانتفاع به أو ببعض غلته، مع انتفاع من وقف لهم، فذكر أن للواقف أن ينتفع بالموقوف إن اشترط ذلك بنفسه في حياته، وله أن يشترط لنفسه الإشراف عليه في حياته، وله أن يشترط أيضًا أن يكون أحد من ورثته هو المشرف عليه من بعد وفاته، ولا مانع كذلك من أن يخصص أحدا من الناس يشرف على هذا الوقف (٣).

وذكر الحافظ ابن حجر أن هذه المسألة خلافية، وقال: "نعم إن شرط ذلك جاز على الراجح، والذي احتج به المصنف من قصة عمر ظاهر في الجواز، ثم قوّاه بحديث أنس"، وكذلك رجح ابن بطال، بل قطع بجواز ذلك بالشرط فقال: "وإنما يجوز ذلك آن شرطة في الوقف، أو افتقر هو أو ورثته" (٤)، قال الحافظ: "والذي عند الجمهور جواز ذلك إذا وقفه على الجهة العامة دون الخاصة، ومن فروع المسألة: لو وقف على الفقراء مثلًا ثم صار فقيرا، أو أحد من ذريته، هل يتناول ذلك، والمختار أنه يجوز


(١) انظر: صحيح البخاري مع الفتح، ٥/ ٤٠٦.
(٢) صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الوصايا، ٥/ ٣٨٣.
(٣) انظر: الفتاوى، أحمد خليلي، ٤/ ١٠٢.
(٤) فتح الباري، ابن حجر، ٥/ ٣٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>