للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - المعقول: وهو من أربعة وجوه:

الوجه الأول: أن قَصْد الواقف بذلك الوقف أن يكون صدقة جارية له، وثمرة يستفيد ثوابها حيًّا وميتًّا، فكانت هذه العلاقة التي هي المرة المستفادة من الوقف - مقتضية؛ لأن يكون للواقف ومن يلي من جهته مدخلًا فيما فيه جلب مصلحة للوقف، ودفع مفسدة عنه، ولا ينافي ذلك كون الرقبة قد صارت لله، محبسة للانتفاع بها؛ لأن هذه العلاقة التي للواقف ومن يلي من جهته هي مقدمة على من له ولاية عامة من إمام أو حاكم (١).

الوجه الثاني: أن إغفال الواقف شرط النظارة لا أثر له؛ لأن التولية من الواقف خارجة عن حكم سائر الشرائط؛ لأن له فيها التغيير والتبديل كلما بدا له، من غير شرط في عقدة الوقف، كما أن إغفال الواقف عن شرط النظارة لا أثر له، استصحابًا بما كان عليه من استحقاقها على ملكه، واستشهادًا بولاء عتقه، والأصل بقاء ما كان على ما كان (٢).

الوجه الثالث: أن الواقف أقرب الناس لوقفه؛ فهو أولى الناس بولاية وقفه، قياسًا على من اتخذ مسجدًا يكون أولى بعمارته ونَصْب المؤذن فيه، وقياسًا على من أعتق عبدًا كان الولاء له؛ لأنه أقرب الناس إليه (٣).

الوجه الرابع: أن الواقف إذا مات فأوصى إلى غيره فوصيُّه بمنزلته؛ لأن الواقف نَصَبه ليكون ناظرًا له، تحصيلًا لمقصوده، وقد يعجز عن ذلك بموته؛ فيكون آذنًا له في الاستعانة بغيره بعد موته، كما أنه إذا مات الواقف ولم يوصِ إلى أحد؛ فالرأي فيه إلى القاضي؛ لأنه نُصِب ناظرًا لكل من عجز بنفسه عن النظر، والواقف ميت، ومصرف الغلَّة عاجز عن التصرُّف في الوقف لنفسه، فالرأي في نصب القيِّم إلى القاضي (٤).


(١) انظر: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، محمد بن علي الشوكاني، ٣/ ٣٢٩.
(٢) انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين بن إبراهيم بن نجيم، ٥/ ٢٥٠، والحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، علي بن محمد الماوردي، ٧/ ٥٣٣، والأشباه والنظائر، عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، ١/ ٥١.
(٣) انظر: الهداية شرح بداية المبتدي، علي بن أبي بكر المرغيناني، ٣/ ١٨.
(٤) انظر: المبسوط، محمد بن أحمد السرخسي، ١٢/ ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>