للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من لازم العدالة الأمانة، وليس من لازم الأمانة العدالة، فبينهما عموم وخصوص مطلقًا، فكل عادل أمين، وليس كل أمين عادلًا، فقد يكون أمينًا لا يخون، إلا أنه يشرب الخمر .. ونحوه، وإلى ذلك أشار أبو عبيد عند قوله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (١)؛ حيث قال: "فمن ضيَّع شيئًا مما أمر الله به، أو ركب شيئًا مما نهى عنه؛ فليس ينبغي أن يكون عدلًا" (٢).

وقد اختلف الفقهاء في اشتراط عدالة الناظر إلى أقوال:

القول الأول: إنه لا بدَّ لصلاحية المتولي لشغل التولية على الوقف من العدالة؛ سواء ولَّاه الواقف أو الحاكم، بل في الجميع، حتى الواقف إذا شرط النظر لنفسه، وسواء كان الوقف على الجهة العامة والأشخاص المعيَّنين؛ فلو كان فاسقًا أو غير عدل لم تصح ولايته، ولو على وَقْف نفسه، وهذا في قول عند الحنفية (٣)، وهو مذهب الشافعية (٤)، وقول عند الإمامية (٥)، وأصحُّ القولين عند الزيدية (٦).

واستثني الشافعية من ذلك القاضي إذا كان ناظرًا، فإنه لا تُشترط عدالته، قال البجيرمي نقلًا عن شيخه: "محلُّ اشتراطها ما لم يكن الناظر القاضي، وإلا فلا


(١) سورة الأنفال، آية ٢٧.
(٢) لسان العرب، محمد بن مكرم بن منظور، ١٣/ ١٤٥.
(٣) انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين بن إبراهيم بن نجيم، ٥/ ٢٤٤.
(٤) انظر: روضة الطالبين، يحيى بن شرف النووي، ٢/ ٣٤٧، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، محمد بن أحمد الشربيني، ٢/ ٣٩٣، والسراج الوهاج، محمد الزهري الغمراوي، ١/ ٣٠٧، وفتح المعين، زين الدين بن عبد العزيز المليباري، ٣/ ١٨٥، وفتاوى ابن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري، ١/ ٣٨٧.
(٥) انظر: فقه الإمام جعفر الصادق، محمد جواد مغنية، ٥/ ٧٣.
(٦) انظر: التاج المذهب لأحكام المذهب، القاضي صفي الدين أحمد بن قاسم الصنعاني، ٨/ ٣٧٩، والبحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، أحمد بن يحيى المرتضي، ٥/ ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>