للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُشترط عدالته ... وأما منصوبه فلا بد فيه من العدالة" (١)، وسبب استثناء الشافعية عدم اشتراط عدالة القاضي إذا كان ناظرًا؛ لأن تصرُّفه بالولاية العامة، والمراد بالعدالة عند الشافعية العدالة الباطنة والعدالة الظاهرة؛ فالعدالة الباطنة: هي التي يُرجع فيها إلى قول المزكين، والظاهرة: هي التي لم يعرف لصاحبها مفسِّق (٢)، وقيل: يُشترط في منصوب الحاكم العدالة الباطنة، وفي منصوب الواقف العدالة الظاهرة، والمعتمد: اعتبار العدالة الباطنة في الجميع، حتى الواقف إذا شَرَط النظر لنفسه (٣).

القول الثاني: إن العدالة من شرائط الأولوية، لا شرائط الصحة، وإن الناظر إذا فسق استحقَّ العزل ولا ينعزل، وإلى هذا ذهب جمهور الحنفية (٤) والزيدية في مقابل الأصح (٥)، وهو المشهور عند الإمامية (٦)، وبه قال الإباضية، وضمَّنوا من جعل الوقف في يد غير الأمين؛ قال السالمي في متولِّي جباية الفلج: "إن جباة الفلج الثقات يلزمهم القيام بمصالحه إن كانوا قادرين على إنفاذ الحق فيه، ويلزمهم أن يجعلوا خبورتهم في يد عدل، وينزعوها من يد الخائن؛ لأن الخائن لا يؤمَن على شيء؛ وكفى بالمرء خيانة أن يكون أمينه خائنًا! وأخشى على الجباه القادرين على القيام بمصالح الأوقاف والأفلاج والأيتام؛ إذا ضيَّعوا أو أهملوا القيام بما عليهم من غير عذر .. أن يلحقهم الضمان، والإثم لازم لهم بلا خلاف نعلمه مع القدرة على ذلك" (٧).


(١) انظر: إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين، عثمان الدمياطي البكري، ٣/ ١٨٦.
(٢) انظر: المرجع السابق، ٣/ ١٨٦.
(٣) انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، محمد بن أحمد الشربيني، ٢/ ٣٩٣، وحاشية البجيرمي، سليمان بن عمر البجيرمي، ٣/ ٢١٤، وحواشي الشرواني على تحفة المحتاج بشرح المنهاج، عبد الحميد الشرواني، ٦/ ٢٨٨.
(٤) انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ٤/ ٣٨٠، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين بن إبراهيم بن نجيم، ٥/ ٢٤٤.
(٥) انظر: التاج المذهب الأحكام المذهب، القاضي صفي الدين أحمد بن قاسم الصنعاني، ٨/ ٣٧٩.
(٦) انظر: أحكام الشريعة طبقًا لفتاوى المرجع الديني الجعفري السيد محمد حسين فضل الله، ٣٢٦.
(٧) جوابات السالمي، ٣/ ٤٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>