للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تختلف أشكال زيادة القيمة الرأسمالية باختلاف طبيعة الأصل الموقوف أو شكله، إذ إنها غالبًا ما تؤدي إلى تغيير صورته كليًّا أو جزئيًّا؛ بإضافة ما يعود بالفائدة على الوقف، ويزيد من قيمته الرأسمالية، وفي كلتا الحالتين فإنه يتصرَّف في شرط الواقف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة:

القول الأول: جواز زيادة القيمة الرأسمالية للوقف بتغيير صورة الانتفاع منه مطلقًا:

أجاز الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والزيدية والإمامية والإباضية (في ظاهر الرواية الأولى عنهم) زيادة القيمة الرأسمالية للوقف بتغيير صورة الانتفاع من الأصل الموقوف أو شكله، من صورة الأخرى أو من شكل لآخر؛ كتغيير الاستفادة من العقار الموقوف من كونه سكنًا مؤجرًا إلى مستشفى مثلًا، أو إلى فندق .. إلخ.

فجاء عن الحنفية ما يتضمَّن الزيادة الرأسمالية للأصول الموقوفة بالدعوة إلى إعادة تأهيل الأرض الموقوفة؛ كما في قولهم: "فإن كانت قطعة من هذه الأرض سبخة لا تُنبت شيئًا، فيحتاج إلى كشح وجهها وإصلاحها حتى تنبت؛ كان للقيِّم أن يبدأ من غلَّة جملة الأرض بمؤنة إصلاح تلك القطعة؛ لأنها إذا صلحت كبرت الغلَّة، فكان أنفع للفقراء" (١).

فيعدُّ القول بتوجيه جزء من ريع الوقف - في النص السابق - لإعادة تأهيل هذه الأرض السبخة المعطَّلة عن دورة الإنتاج والاستثمار .. تكثيرًا للأصول الموقوفة، وكذا زيادة لرأسمالها؛ بما يرجع بالفائدة على الوقف والموقوف عليهم والمجتمع.

ويعضِّد قول الحنفية بجواز تغيير صورة الوقف بزيادة القيمة الرأسمالية لأصوله؛ ما جاء في مجمع الضمانات من قوله: "لو كانت أرض الوقف متصلة ببيوت المصر، يرغب الناس في استئجار بيوتها، وتكون غلَّة ذلك فوق غلَّة الزرع والنخل؛ كان للقيِّم أن يبني فيها بيوتًا ويؤاجرها؛ إذ الاستغلال بهذا الوجه أنفع للفقراء" (٢).


(١) المحيط البرهاني، ابن مازة، ٦/ ١٣٦.
(٢) مجمع الضمانات، أبو محمد البغدادي، ١/ ٣٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>