للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء عن المالكية ما يدلُّ على مشروعية تغيير صورة الوقف إلى صورة أخرى ترفع من قيمة رأسماله؛ في حالة قيام مصلحة أو الحاجة لذلك؛ كتعمير أرض الوقف بعقد الحكر، وضبطوه بقولهم: "إلا أن يتعطَّل الوقف بالمرَّة، ولم يكن هناك ريع له يُقيمه، ولم يمكن إجارته بما يقيمه؛ فأذن الناظر لمن يبني فيه أو يغرس في مقابلة شيء يدفعه لجهة الوقف، أو لا، يقصد إحياء الوقف، على أن ما بناه أو غرسه يكون له ملكًا، ويدفع عليه حكرًا معلومًا في نظير الأرض الموقوفة لمن يستحقه من مسجد أو آدمي، فلعل هذا يجوز إن شاء الله تعالى، ويسمَّى البناء والغرس حينئذ خلوًا؛ يُملك ويُباع ويُورث" (١).

فالقول بجواز عقد الحكر بالغرس أو البناء في أرض الوقف فيه تغيير لصورة الوقف من جهة، وتحقيق زيادة في القيمة الرأسمالية للأصل الموقوف المعطل من خلال تهيئته للاستثمار مستقبلًا بعد انقضاء العقد بما يحفظ العين الموقوفة ويسهم في تنميتها، فالبناء أو الغراس تغيير الصورة الوقف بالانتقال من مصلحة إلى أخرى ترجع بالفائدة على الوقف ومقاصده.

ومثاله أيضًا ما جاء من تجويزهم تحويل مراحيض مستغني عنها بحوانيت (٢) ترجع بالفائدة على الوقف والموقوف عليهم وتزيد من قيمة رأسماله.

وجاء عن الشافعية ما يفيد مشروعية التصرُّف بالتغيير في الوقف في مسألة مفادها "أن شخصًا أراد عمارة مسجد خرب بآلة جديدة غير آلته، ورأى المصلحة في جعل بابه في محل آخر غير المحل الأول لكونه بجوار من يمنع الانتفاع به على وجه المعتاد، وهو أنه يجوز له ذلك لأن فيه مصلحة للجامع والمسلمين" (٣)؛ فالشاهد


(١) بلغة السالك لأقرب المسالك، الصاوي، تحقيق: ضبطه وصححه محمد عبد السلام شاهين، بيروت، طـ ١٤١٥ هـ / ١٩٩٥ م، ٣/ ٣٩٥.
(٢) انظر: المعيار المعرب، الونشريسي، تحقيق: محمد حجي وآخرون، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط ١، ١٤١٠ هـ / ١٩٨١ م، ٧/ ١٥.
(٣) تحفة الحبيب على شرح الخطيب (حاشية البجيرمي على الخطيب)، سليمان بن محمد بن عمر البُجَيرميُّ المصري الشافعي، دار الفكر، ١٤١٥ هـ / ١٩٩٥ م، ٣/ ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>