للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو غير مباشرة، مسألة الزيادة الرأسمالية للأصول الموقوفة العقارية، ولقد بحثت المدارس الفقهية هذه المسألة؛ فجاءت اجتهاداتهم كالآتي:

(أ) من جهة تحديد مدة الإجارة: جاء عن فقهاء الحنفية والمالكية والإمامية في ظاهر الرواية عنهم ما يفيد مراعاة ناظر الوقف للمصلحة الشرعية لتنمية الوقف وأصوله، وزيادة رأسماله بترك تقدير مدة عقد الإجارة للأصول الموقوفة بما يخدم الوقف ومقاصده بحسب ظروف المكان والزمان.

فجاء - في الرواية الثالثة - عن الحنفية قولهم: "فالمتقدمون من أصحابنا قالوا: يجوز إجارته أي مدة كانت" (١).

وتوسَّع بعض متأخري المالكية في حالة الحاجة أن تصل إلى تسع وتسعين سنة، ومثاله ما جاء في فتح العلي: "ما قولكم: في أرض نحو ألف ذراع محبسة على الجامع الكبير بمدينة إسنا بأقصى صعيد مصر، طرح الناس أتربة وأقذارا فيها حتى صارت لا ينتفع به في الحال، فأجرها نائب القاضي تسعة وتسعين سنة لمن ينقل ما فيها من الأتربة والأقذار ويبنيها خانا، كل سنة بأربعة أرطال زيت لا غير، وأزال المكتري ما فيها، وأصلحها، فحصلت الرغبة فيها بزائد عن تلك الأجرة فهل تفسخ تلك الإجارة ويصير الأنفع للوقف؟ أفيدوا الجواب، فأجبت بما نصه: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، نعم تفسخ إن وجد حين عقد الإجارة من يستأجرها بأجرة زائدة عما ذكر؛ أما إن لم يوجد حين العقد من يستأجرها بزائد عما ذكر، فإنها لا تفسخ، ولا تعتبر الرغبة في إجارتها بزائد عما استؤجرت به الحادثة بعد عقد الإجارة ونقل ما فيها.

وقد أفتى جماعة من محققي المتأخرين بجواز إجارة الوقف المدة الطويلة لمن يعمره ويختص بزائد غلته إذا لم يكن للوقف ريع يعمر به ووقعت الإجارة بأجرة المثل في وقتها" (٢).


(١) المحيط البرهاني، ابن مازه، ٥/ ٧٤٦.
(٢) فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك، عليش، مكتبة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ١٣٧٨ هـ/ ١٩٥٨ م، ٢/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>