للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن تلك المصالح ما ذكره الطرابلسي في الإسعاف حيث قال: "وليس له أن يبني في الأرض الموقوفة بيوتًا لتستغل بالإجارة؛ لأن استغلال الأرض بالزراعة، فإن كانت متصلة ببيوت المصر، وترغب الناس في استئجار بيوتها، والغلَّة من البيوت فوق غلَّة الزراعة، جاز له حينئذ البناء لكون الاستغلال بهذا أنفع للفقراء" (١).

وقد قال قبل ذلك: "ولو أراد المتولي أن يشتري من غلَّة وقف المسجد دهنا أو حصرا أو إجراء أو حصا ليفرش فيه، يجوز إن وسَّع الواقف في ذلك للقيِّم، بأن قال يفعل ما يراه من مصلحة المسجد وإن لم يوسع بل وقف لبناء المسجد وعمارته فليس له أن يشتري ما ذكرنا؛ لأنه ليس من العمارة والبناء وإن لم يعرف شرطه في ذلك، ينظر هذا القيم إلى من كان قبله، فإن كان يشتري من الغلَّة ما ذكرنا جاز له الشراء وإلا فلا" (٢).

فمبنى التصرُّف على إذن الواقف واعتبار المصلحة، ومن هذا الباب ما جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام (المادة ٥٨) حيث قال: "التصرف على الرعية منوط بالمصلحة. هذه القاعدة مأخوذة من قاعدة (تصرُّف القاضي فيما له فعله من أموال الناس والأوقاف مقيَّد بالمصلحة)؛ أي أن تصرف الراعي في أمور الرعية يجب أن يكون مبنيا على المصلحة، وما لم يكن كذلك لا يكون صحيحًا (٣).

وتفصيله:

القول الأول: جواز الاستثمار بإحداث زيادة منفعة في الأصول الموقوفة مطلقًا:

وهو ظاهر الرواية عن المالكية، ومذهب الحنابلة والزيدية.

جاء عن المالكية: "وسئل - العبدوسي - عن دار محبسة على المسجد، وهي خربة، وأراد رجل أن يحدث فيها مطمورتين للزرع ويعطي من عنده إجارة حفرهما،


(١) الإسعاف، الطرابلسي، ٥٨.
(٢) المرجع السابق، ٥٦.
(٣) درر الحكام شرح مجلة الأحكام، ١/ ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>