للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن وظيفته سقط حقُّه، وإن لم يقرِّر الناظر المنزول له، فالقاضي بالأولى، وقد جرى التعارف بمصر الفراغ بالدراهم، ولا يخفى ما فيه، وينبغي الإبراء العام بعده. اهـ ما في البحر ملخصًا، لكن لا ينافي هذا ما يأتي في الفصل من أن المتولي إذا أراد إقامة غيره مقامه لا يصح إلا في مرض موته ... وسُئل في الخيرية عما إذا قرَّر السلطان رجلًا في وظيفة كانت لرجل فرغ لغيره عنها بمال؛ أجاب بأنها لمن قرَّره السلطان لا للمفروغ له؛ إذ الفراغ لا يمنع تقريره؛ سواء قلنا بصحته المتنازع فيها، أو بعدمها الموافق للقواعد الفقهية، كما حره العلامة المقدسي" (١).

وقال أيضًا: "مطلب في الفرق بين تفويض الناظر في صحته وبين فراغه عنه: (تنبيه) صرحوا بصحة الفراغ عن النظر وغيره من الوظائف، وأفتى العلامة قاسم بسقوط حقِّ الفارغ بمجرد لكنه لم يتابع على ذلك فلا بدَّ من تقرير القاضي كما قدمناه ... وأنت خبير بأن هذا شامل للفراغ في حال الصحة والمرض، فينافي ما هنا من عدم صحة التفويض في حال الصحة بلا تعميم، وتوقَّفت في ذلك مدة، وظهر لي الآن الجواب بأن الفراغ مع التقرير من القاضي عزل لا تفويض، ويدلُّ عليه قوله في البحر إذا عزل نفسه عند القاضي فإنه ينصب غيره، ولا ينعزل بعزل نفسه ما لم يبلغ القاضي، ثم قال: ومن عَزل نفسه الفراغ عن وظيفة النظر لرجل عند القاضي ... فهذا صريح فيما قلناه، ولله الحمد، وبه ظهر أن قولهم هنا: لا يصح إقامة المتولي غيره مقامه في حياته وصحته؛ مقيَّد بما إذا لم يكن عند القاضي، أما لو كان عند القاضي كان عزلًا لنفسه، وتقرير القاضي للغير نصب جديد، وهي مسألة الفراغ بعينها، وبهذا يتجه عدم سقوط حق الفارغ قبل تقرير القاضي، خلافًا لما أفتى به العلامة قاسم؛ إذ لو سقط قبله انتقض قولهم: لا تصح إقامته في صحته بخلافه بعد تقرير القاضي؛ لأنه بعده يصير عزلًا لنفسه عن الوظيفة، ولا يرد أن العزل يكفي فيه مجرد علم القاضي كما مرَّ، فلا حاجة إلى التقرير؛ لأن الفراغ عزل خاص مشروط، فإنه لم يرض بعزل نفسه إلا لتصير الوظيفة لمن نزل له عنها، فإذا


(١) حاشية ابن عابدين، ٤/ ٣٨٢ - ٣٨٣، وانظر: البحر الرائق، ابن نجيم الحنفي، ٥/ ٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>