للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإليه ذهب الحنفية في المفتي به، والشافعية، وهو ما يؤخذ من عبارات المالكية.

قال ابن عابدين من الحنفية تعليقًا على عبارة الحصكفي: "وعليه فيفتى بجواز النزول عن الوظائف بمال" (١).

وقال العلامة العيني الحنفي في فتاواه: ليس للنزول شيء يعتمد عليه ولكن العلماء والحكام مشوا ذلك للضرورة (٢)، ثم قال في معرض الاستدلال بجواز الاعتياض عن جواز النزول عن وظائف بمال: وذكر الحموي أن العيني ذكر في شرح نظم درر البحار في باب القسم بين الزوجات أنه سمع من بعض شيوخه الكبار أنه يمكن أن يحكم بصحة النزول عن الوظائف الدينية قياسا على ترك المرأة قسمها لصاحبتها؛ لأن كلا منهما مجرد إسقاط (٣).

وأضاف: ورأيت بخط بعض العلماء عن المفتي أبي السعود أنه أفتى بجواز أخذ العوض في حق القرار والتصرف وعدم صحة الرجوع، وبالجملة فالمسألة ظنية والنظائر المتشابهة للبحث فيها مجال وإن كان الأظهر فيها ما قلنا فالأولى ما قاله في البحر من أنه ينبغي الإبراء العام بعده والله سبحانه وتعالى أعلم (٤).

وقال البجيرمي من الشافعية في تعليقه على عبارة الخطيب "لم ينعزل بنفسه": "ومِن عَزل نفسه ما لو أسقط حقَّه من النظر لغيره بفراغ له؛ فلا يسقط حقُّه، ويستنيب القاضي من يباشر عنه في الوظيفة، وهذا يفيد أن الواقف إذا شرط من الوظائف شيئًا لأحد حال الوقف اتُّبع، ومنه ما لو شرط الإمامة أو الخطابة لشخص ولذريته، ثم إن المشروط له ذلك فرغ عنها الآخر، وباشر المفروغ له فيهما مدة، ثم مات الفارغ عن أولاد .. وهو أن الحقَّ في ذلك ينتقل لأولاد الفارغ على ما شرطه الواقف، ثم ما استغله المفروغ له من غلَّة الوقف لا يرجع عليه بشيء منه؛ لأنه استحقه في مقابلة العمل؛ سيَّما وقد قرَّره الحاكم؛ غاية الأمر أن تقريره وإن


(١) حاشية ابن عابدين، ٤/ ٣٨٣.
(٢) انظر: حاشية ابن عابدين، ٤/ ٥١٩.
(٣) انظر: المرجع السابق، ٤/ ٥١٩.
(٤) انظر: المرجع السابق، ٤/ ٥٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>