للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقف بعد العزل، ويخرج منه قبول قوله في الدفع للمستحقين بعد التأمل؛ فإنه قال: لم يتعرض المصنف لحكم المتولي بعد العزل؛ هل يقبل قوله في النفقة على الوقف من المال الذي تحت يده أم لا؟ لم أره صريحًا، لكن ظاهر كلامه أن قوله مقبول في ذلك إذا وافق الظاهر؛ لتصريحهم بأن القول قول الوكيل بعد العزل في دعواه أنه باع ما وكِّل في بيعه وكانت العين هالكة، وفيما إذا ادعى أنه دفع ما وكِّل بدفعه في براءة نفسه، وأن الوصي لو ادعى بعد موت اليتيم أنه أنفق عليه كذا يُقبل قوله، وعللوه بأنه أسنده إلى حالة منافية للضمان، وقد صرحوا بأن المتولي كالوكيل في مواضع، ووقع خلاف في أن المتولي وكيل الواقف أو وكيل الفقراء؛ فقال أبو يوسف بالأول، وقال محمد بالثاني، ومما هو صريح في قبول قول الوكيل ولو بعد العزل فرع في القنية؛ قال: وكله وكالة عامة بأن يقوم بأمره، ويُنفق على أهله من مال الموكل، ولم يعين شيئًا للإنفاق، بل أطلق، ثم مات الموكل، فطالبه الورثة ببيان ما أنفق ومصرفه؛ فإن كان عدلًا يصدق فيما قال، وإن اتهموه حلفوه، وليس عليه بيان جهات الإنفاق، ومن أراد الخروج من الضمان فالقول قوله، وإن أراد الرجوع فلا بدَّ من البينة. ا. هـ. وهذا صريح في قبول قوله في دعوى الإنفاق ولو بعد العزل، وتحقيقه أن العزل لا يخرجه عن كونه أمينًا، فينبغي أن يقبل قول الوكيل بقبض الدين أنه دفعه لموكله في حياته في حق براءة نفسه كما أفتى به بعض المتأخرين كما تقدَّم. انتهى ما في الحموي، ويُستنبط من ذلك أن الناظر يصدق بيمينه في الدفع للمستحقين بعد عزله؛ كالوكيل في قبض الدين إذا مات الموكل وصدَّقته الورثة في القبض وكذبوه في الدفع؛ فالقول قوله بيمينه؛ لأنه بالقبض صار المال في يده وديعة، فتصديقهم له بعد اعترافهم بأنه مودع كافٍ، فإن حلف بريء، وإن نكل لزمه المال ... وقد أفتى المرحوم الوالد بأنه يصدق بيمينه ما دام ناظرًا، ولم يذكر نقلًا، والمسألة تحتاج إلى نقل صريح من كتاب صحيح؛ حتى يطمئن القلب في الجواب بالقبول أو عدمه" (١).


(١) رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ٨/ ٤٠٩ - ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>