للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الرابع: يرى قاضي خان من الحنفية أن المتولي إذا مات مجهلًا غلات المسجد ومات من غير بيان فإنه لا يضمن (١).

وقال ابن عابدين من الحنفية بعد أن ذكر الخلاف بين علماء الحنفية في تضمين الناظر إذا مات مجهلًا لغلَّة الوقف: والحاصل أن المتولي إذا قبض غلَّة الوقف ثم مات مجهز بأن لم توجد في تركته ولم يعلم ما صنع بها لا يضمنها في تركته مطلقًا كما هو المستفاد من أغلب عباراتهم، ولا كلام في ضمانه بعد طلب المستحق ولا في عدم ضمانه لو كانت الغلَّة لمسجد، وإنما الكلام فيما لو كانت غلَّة وقف لها مستحقون مالكون لها هل يضمنها مطلقًا على ما يفهم من تقييد قاضيخان أو إذا كان غير محمود ولا معروف بالأمانة كما بحثه الطرسوسي، أو إذا كان موته بعد مرض لا فجأة كما بحثه في الزواهر فليتأمل، وهذا كله في غلَّة الوقف، أما لو مات مجهلا لمال البدل: أي لثمن الأرض المستبدلة أو لعين الوقف فإن يضمن بموته مجهلًا بالأولى كما قال الشارح عن المصنف، وبه يعلم أن إطلاق المصنف والشارح في محل التقييد فتنبه (٢).

الاتجاه الثاني: إذا مرض الناظر مرضًا مخوفًا أو حبس للقتل لزمه أن يوصي بالدين من عين الوقف أو غلته فإن سكت عنهما ضمن؛ لأنه عرضهما للفوات إذ الوارث يعتمد ظاهر اليد ويدعيها لنفسيه والمراد بالوصية الإعلام والأمر بالرد، وهذا ما ذكره الشافعية ضمن أسباب التقصير (٣).

قال الشيخ زكريا الأنصاري من الشافعية في معرض بيان ذكر أسباب تقصير المودع: "السبب الثالث ترك الإيصاء بها فعلى ذي مرض مخوف أو حبس لقتل إن تمكن من الرد والإبداع والوصية الرد لها إلى المالك أو وكيله، ثم إن عجز عن الرد إليهما فعليه الوصية بها إلى الحاكم، ثم إن عجز فعليه الوصية إلى أمين، ومحل الضمان بغير إيصاء وإيداع إذا تلفت الوديعة بعد الموت لا قبله على ما صرح به


(١) العقود الدرية، ابن عابدين، ٢/ ٢٠٨.
(٢) انظر: تكملة حاشية ابن عابدين، ٨/ ٣٤٦.
(٣) انظر: روضة الطالبين، النووي، ٦/ ٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>