للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من وسائل كشف الكربة: تذكر ما في البلاء من فوائد]

ومما يكشف الكربة عند فقد الأحبة: تذكُّر ما في البلاء من لطائف وفوائد، منها على سبيل المثال:

أولاً: تذكير العبد بذنوبه؛ فربما تاب إلى الله عز وجل، فلتوبته إلى الله عز وجل أعظم عزاء له من كل شيء.

يقول بعض السلف: [[إن العبد لَيُصاب بالمصيبة، فيذكر ذنوبه، فيخرج من عينه مثلُ رأس الذباب دمعاً من خشية الله، فيغفر الله عز وجل له]].

ثانياً: زوال قسوة القلب مع حدوث رقة القلب وانكسار العبد لله عز وجل، وذلك ملاحظ في المصائب، وذلك -والله- خير من كثير من طاعات الطائعين؛ فانكسار المذنب خير وأعظم من صولة المطيع.

ثالثاً: البلاء يوجب من العبد الرجوع إلى الله عز وجل، والوقوف ببابه، والتضرع له، والاستكانة والدعاء، وذلك من أعظم فوائد البلاء؛ ففي بعض الآثار: {إن الله ليبتلي العبد -وهو يحبه- ليسمع تضرُّعَه ودعاءه}.

رابعاً: البلاء يقطع قلب المؤمن عن الالتفات إلى المخلوقين، ويوجب له الإقبال على الخالق وحده لا شريك له؛ فالمشركون -وهم مشركون- حكى الله عنهم إخلاص الدعاء له عند الشدائد: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [العنكبوت:٦٥] فكيف بالمؤمنين؟!.

خامساً: رحمة أهل البلاء ومساعدتهم على بلواهم؛ فإن العبد إذا أحس بألم المصيبة رقَّ قلبه لأهل المصائب والبلايا ورحمهم.

أخيراً: معرفة قدر نعمة العافية؛ فإن النعم لا تعرف أقدارها إلا بعد فَقْدِها؛ فلا يعرف نعمة إلا من ذاق مرارة ضدها، وبضدها تتميز الأشياء.